Facebook
Twitter
WhatsApp
Telegram

شرق سوريا.. أجواء رمضانية مميزة بعد مرارة الظلام

SY24 -خاص

بات شهر رمضان المبارك اليوم يعتبر شهراً مغايراً عما كان عليه خلال فترة سيطرة تنظيم داعش على المنطقة، وشهد تحولات جذرية من دحر التنظيم، إذ عاد سكان المنطقة إلى ممارسة شعائرهم الدينية بكل حرية وبكامل إرادتهم واختيارهم دون أي إجبار، بعد الممارسات التي كان يمارسها التنظيم في هذا الشهر بحقهم ويستثني نفسه منها بحجج وذرائع واهية.

وقارن عدد من سكان المنطقة الشرقية في حديثهم لمنصة SY24، عن أجواء رمضان التي كانوا يعيشونها خلال فترة سيطرة التنظيم، وبين أيام شهر رمضان اليوم في مناطقهم، مؤكدين أن داعش أرجع الأهالي بالزمن حينها إلى ما قبل 1400 عام.

وتحدثت مصادر متطابقة من أبناء المنطقة الشرقية عن القوانين الغريبة من نوعها، حسب وصفهم، والتي كان يفرضها داعش في رمضان على الأهالي، في حين كان يستثني عناصره منها وعلى رأسها السماح بإفطار أيام رمضان. فقد أفتى تنظيم داعش لمقاتليه بضرورة الإفطار وعدم الصوم في رمضان، بدعوى أن الصيام يرهق الجسد، وبالتالي يشجع الصائم على الخمول والاستسلام للتعب، ما يترتب عليه التقاعس عن مواصلة المعارك، داعياً أنصاره ورجاله إلى ضرورة عدم الصوم، ليتمكنوا من القتال.

ومن تلك القوانين: منع الناس من التلفاز ومن وضع أطباق استقبال الإرسال التلفزيوني، حيث صدر بيان عن التنظيم في عام 2016، جاء فيه “بأمر من ولاة الأمر في مدن ريف حلب الشرقي والقرى التابعة له، سيتم إلغاء التلفاز قبل شهر رمضان للتفرغ لعبادة الله في الشهر الكريم، وتغريم من يخالف القرار بمبلغ 25 ألف ليرة سورية ومصادر جهاز التلفزيون وسجن صاحبه.

كما أصدر التنظيم فتوى غريبة، تقضي ببطلان صيام من لا ينتمي للتنظيم، فكل من يثبت أنه صائم، ولكنه ليس عضواً في التنظيم صيامه باطل، ويمكن أن يقام عليه الحد باعتباره من المنافقين. كما كان التنظيم يعاقب كل من يثبت أنه أفطر في نهار رمضان، حتى ولو كان لمرض أو له سبب قوي، ولكن العجيب في الأمر أن من يتولى العقاب من الدواعش كان مفطراً، ويعلل ذلك بأنه في “ميدان القتال”.

وحول ذلك، قال أحد أبناء المنطقة الشرقية لمنصة SY24، إن “تنظيم داعش وخلال شهر رمضان كان يمارس الكثير من التجاوزات، منها أن أي شخص لا يصوم يتم وضعه في قفص لمدة 3 أيام تحت أشعة الشمس، وبعدها يتم سوقه إلى السجن ويبقى هناك حتى بعد فترة عيد الفطر”.

وأفتى قادة التنظيم بأن خروج النساء من بيوتهن في النهار يؤدي إلى فتنة المسلمين، وبالتالي فهو حرام، حفاظاً على الأخلاق العامة في شهر رمضان. وحسب شهود عيان، كانت النساء مجبرات على ارتداء الخمار أو الجلباب، وكنّ مطاردات أكثر في رمضان من قبل جهاز الحسبة النسائية، وكن محرومات من زيارات الأهل والجيران بعد الإفطار. من جانبه، قال الكاتب فراس علاوي لمنصة SY24، إن “داعش كان أكثر تشددا في رمضان، إذ كان يمنع النساء من الخروج للأسواق إلا بشروط خاصة، بالتزامن مع ظروف اقتصادية صعبة على الأهالي بسبب الحصار وغلاء الأسعار”.

مصادر أخرى ذكرت أن الناس كانت تصوم من الخوف وليس بدافع الإيمان، وكان كل شخص يفطر يتم اعتقاله وتعليق لافتة على رقبته مكتوب عليها مفطر ومدخن في رمضان، العقوبة 70 جلدة والتشهير”.

من جهته، قال الناشط والكاتب علوان زعيتر أحد أبناء الرقة لمنصة SY24: “كان الدواعش يملكون الكثير من الأموال، وكانوا يتباهون بالموائد العامرة ومشروبات رمضان العامرة، لقد كانوا يحبون بطونهم بشكل كبير جداً”.

وتابع “أصدر التنظيم قرارات غريبة، منها حظر بيع مادة الكمون ومادة الملوخية، دون معرفة الأسباب وراء ذلك، ورغم طرافة الأمر لكنه حصل وسط استغراب الناس”، وأكد أن “الناس اليوم تمارس طقوسها الدينية بشكل طبيعي جدا وبشكل أكثر حرية مقارنة بالفترة التي كانت على زمن داعش، إذ كان الدواعش يتسلطون على الحياة المدنية وكانت أي غلطة عقوبتها الإعدام”، وفق تعبيره.

بدوره، يروي أحد شهود العيان من أبناء ريف حلب لمنصة SY24، أنه في عهد داعش، تحول شهر رمضان في عهد داعش إلى جحيم حقيقي، فبينما كان الناس يعانون من سوء الأوضاع الاقتصادية فرض التنظيم عليهم ما إدعى التنظيم انها “الزكاة”، مما زاد من أعبائهم المعيشية.

وأضاف “كان أحد أمراء التنظيم (أردني الجنسية) يسكن مع زوجته في بيت كبير جداً، وكان يصرف أموالًا طائلة على الطعام والحلويات، لدرجة أنه كان يرمي الكثير من الطعام في الحاوية بعد انتهاء طعامه. بينما كان الأهالي من شدة الفقر يتوجهون إلى الحاوية لجمع الطعام المتبقي”.

وأضاف “كان التنظيم يمنع الناس من فتح محلاتهم التجارية خلال فترات الصلاة، وكان يمنع الاحتفالات بشهر رمضان في المساجد على اعتبار أنها “بدع”.

بالمقابل، يرى أبناء المنطقة الشرقية اليوم أنه لا يمكن المقارنة أبداًُ بين رمضان الماضي ورمضان الحالي، فوجوه الناس مختلفة بعد زوال الخوف، والجيران يتسامرون ويتبادلون أطباق الطعام بحرية دون قلق، وأصبح الناس قادرين على ممارسة شعائرهم الدينية بحرية وفق اختيارهم الشخصي”، على حد قوله.

وأوضح مضر الأسعد، رئيس المجلس الأعلى للقبائل والعشائر السورية في حديثه لمنصة SY24، أنه عندما كانت داعش موجودة في المنطقة الشرقية، كانت الأوضاع الأمنية والاقتصادية والمعيشية سيئة جدا للأهالي، وسط رفض واسع من الأهالي لعمل أبنائهم ضمن مشاريع داعش.

وبيّن أنه كان هناك نوع من تقييد الحركة إلى جانب حصار اقتصادي على الأهالي الذين يعانون الأمرين، وكان الشباب يتوارون هرباً من داعش التي تلهث وراءهم من أجل اعتقالهم وإلزامهم بالمشاركة بالعمليات العسكرية لداعش، لذلك كان شهر رمضان شهراً قاسيا على الأهالي، مع أنه شهر الخير والتسامح لكن عند داعش كان عكس ذلك، بحسب وصفه.

ولفت إلى أن “داعش هو أكثر تنظيم عمل على تشويه الإسلام وقام بمحاربة المسلمين، إذ كانوا يكفرون الناس وفق مزاجهم ويطلقون الأحكام الشرعية والفتاوى على مزاجهم، فأساؤوا للإسلام ولشهر رمضان وللإنسانية”.

وذكر أنه “كانت تمارس طقوس أكثر من رائعة في شهر رمضان، حتى إذا كان هناك خلافات ومشاكل بين أبناء العشائر يتم حلها خلال هذا الشهر الكريم، بعكس ما كان يجري على أيام داعش التي أجبر الناس فيها على عدم التكاتف والتسامح حتى مع أبناء الطوائف الاخرى المسيحية أو الارمنية أو اليزيدية”.

ووسط كل ذلك، على الرغم من التحديات التي عاشها سكان المنطقة الشرقية خلال فترة سيطرة داعش، إلا أن شهر رمضان في شرق سوريا أصبح أكثر حرية واختيارًا بعد دحر التنظيم، حيث عادت أجواء البهجة والتنوع الثقافي والديني إلى المنطقة، مما يُبشر بمستقبل أفضل لسكان المنطقة.