يستذكر عدنان الشققي، الشاهد على أحداث حماة 1982، والذي عاد إلى منزله الذي هُجر منه منذ 40 عاماً، تفاصيل المجازر التي عاشتها المدينة، مؤكدًا أن ما جرى كان مدبرًا مسبقًا وليس مجرد حملة عسكرية عادية.
يروي الشققي لمنصة سوريا 24 كيف بدأ الأمر بحشودات عسكرية ضخمة على طريق حمص – حماة، تزامنًا مع تصاعد نشاط تنظيم الطليعة المقاتلة التابع للإخوان المسلمين، مما جعل المدينة في دائرة الاستهداف المباشر.
يقول الشققي إن أول ما قامت به القوات المهاجمة كان هدم حي البارودية بالكامل، حيث كان يُعتقد أن قيادة التنظيم تختبئ هناك، مؤكداً أن الحي أُزيل تمامًا عن الوجود، متسائلًا: “أين كانت هذه البيوت؟ كيف أصبحت مجرد أنقاض؟”.
المجزرة لم تتوقف عند ذلك، إذ انتقلت القوات إلى أحياء أخرى مثل حي الكيلانية، حيث كان الشيخ أديب الكيلاني معتصمًا، مما أدى إلى هدم الحي فوق رؤوس سكانه بالكامل، وسقوط 73 شهيدًا في منزل واحد فقط.
من أكثر المشاهد التي تركت أثرًا في ذاكرة الشققي، كانت مشهد إعدام الأطفال في ساحة العاصي، حيث قام عسكر حافظ الأسد بجمع أكثر من 200 إلى 300 طفل ورشّهم بالرصاص دون رحمة، في واحدة من أكثر الجرائم وحشية.
ويضيف: “لم يكن هناك بيت إلا وأصيب بأذى، العائلات كانت تموت داخل منازلها دون أن يعرف الجيران ماذا يحدث في الغرفة المجاورة”، في إشارة إلى أسلوب القتل الجماعي الذي كان ممنهجًا ومدروسًا.
استمرت المجازر في المدينة 27 يومًا، كانت خلالها المدينة معزولة تمامًا عن العالم الخارجي، ويؤكد الشققي أن الإعلام المحلي لم يذكر أي شيء عن المجازر، بينما كانت إذاعة صوت أمريكا هي الوحيدة التي أوردت خبر الهجوم، مشيرةً إلى أن “السلطة تشن عملية عسكرية في حماة”.
يختم الشققي شهادته قائلاً: “ما حدث في حماة لم يكن مجرد قتال، بل كان إبادة جماعية… لقد قتلوا الآلاف، ودمروا أحياءً بأكملها، ثم فرضوا تعتيماً إعلاميًا كاملاً… هذا الإجرام لا يوصف”.