القامشلي: القوات الروسية مازالت في المطار.. استمرار النفوذ أم محطة مؤقتة؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

أكد مراسل منصة سوريا ٢٤ في المنطقة الشرقية، أنه عقب سقوط نظام الأسد السابق واستلام قيادة جديدة زمام الأمور في البلاد، لا تزال القوات الروسية تحتفظ بتواجدها العسكري في منطقة القامشلي شرق سوريا.

ويثير هذا التواجد تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين موسكو والحكومة السورية الجديدة، وأيضًا عن دور روسيا في إعادة تشكيل المشهد السياسي والعسكري في سوريا.

وتعود جذور التواجد الروسي في القامشلي إلى بداية العام 2016، عندما أنشأت موسكو قاعدة عسكرية رئيسية داخل وفي محيط مطار القامشلي.

وقد تمثلت هذه القاعدة في عدد من الطائرات المروحية الحربية، إضافة إلى طائرة شحن جوي لنقل المواد اللوجستية والعسكرية، مع انتشار واسع للعربات العسكرية والدبابات وأنظمة الرادار.

وكان الهدف الأساسي من إنشاء هذه القاعدة هو تعزيز التنسيق بين النظام السوري السابق وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، فضلاً عن تنفيذ دوريات مشتركة مع تركيا على طول الحدود الشمالية السورية.

إلا أن هذا الدور تغير بشكل كبير بعد سقوط نظام الأسد السابق في الثامن من كانون الأول/ديسمبر 2024، حيث بدأت روسيا بإعادة ترتيب أوراقها وتقليل وجودها العسكري في بعض المناطق.

وأكد مراسل منصة سوريا ٢٤، أنه بعد سقوط نظام الأسد السابق، قامت القوات الروسية بسحب قواتها من نقطتي عامودا والدرباسية، وهي مواقع كانت تعتبر محورية لتنسيق العمليات العسكرية واللوجستية في المنطقة.

كما توقفت روسيا عن تسيير الدوريات المشتركة مع القوات التركية على طول الحدود الشمالية، ما يشير إلى تحول واضح في استراتيجيتها.

ومع ذلك، لا تزال القوات الروسية موجودة في القامشلي، حيث تركزت قاعدتان كبيرتان لها على طريق مطار القامشلي، الأولى داخل المطار ذاته، بينما تقع الثانية بالقرب من دوار زوري جنوبي المدينة.

وتضم هاتين القاعدتين عشرات الجنود الروس ومعدات عسكرية متنوعة، بما في ذلك طائرة شحن تحمل العلم الروسي لنقل العتاد العسكري.

من جهته، أشار المحلل العسكري عبد الله الأسعد، إلى أن القاعدة العسكرية الروسية في القامشلي ما زالت قائمة حتى هذه اللحظة، ولم يتم سحبها أو تقليصها بشكل كامل.

وأوضح الأسعد في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، أن السبب الرئيسي لهذا الاستمرار هو غياب صيغة نهائية بشأن الوجود العسكري الروسي داخل الأراضي السورية.

وأضاف أن أي تفاوض مستقبلي قد يؤدي إلى تحديد أعداد القوات والمعدات الروسية المتواجدة في المنطقة، مشيرًا إلى إمكانية التعايش بين القوات الروسية والسورية والتركية والأمريكية في هذه المنطقة، نظرًا لموقعها القريب من قواعد عسكرية أخرى.

ورصد مراسلنا صباح اليوم الإثنين، خروج سيارة روسية من الموقع العسكري في القامشلي باتجاه مطار القامشلي، مشيراً إلى أن ذلك تزامن مع دوريات لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في المنطقة، لكنها ليست دوريات مشتركة مع القوات الروسية، ما يعكس حالة من النشاط المستمر للقوات الروسية رغم الانسحاب الجزئي من بعض النقاط.

وقبل أيام، كشف وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، في مقابلة خاصة أجرتها معه صحيفة “واشنطن بوست”، عن استعداد الحكومة السورية الجديدة للسماح لروسيا بالاحتفاظ بقواعدها الجوية والبحرية الاستراتيجية على الساحل السوري، شريطة أن يخدم ذلك المصالح الوطنية لسوريا.

وأشار أبو قصرة في سياق تصريحاته إلى تحسن كبير في العلاقات بين دمشق وموسكو منذ سقوط نظام الأسد السابق.

وقال إن سوريا تدرس حاليًا مطالب روسيا، بما في ذلك الإبقاء على ميناء طرطوس البحري وقاعدة حميميم الجوية في اللاذقية، مؤكدا “إذا حصلنا على فوائد لسوريا من ذلك، نعم”، ومشيرًا إلى أن السياسة لا تعرف أعداءً دائمين.

ونهاية كانون الثاني/يناير الماضي، أظهرت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) مؤخرًا، نشاطاً محموماً في القاعدة البحرية الروسية بمدينة طرطوس، حيث بدأت سفن الشحن الروسية، مثل “سبارتا” و”سبارتا 2″، المملوكتين لشركة “أوبورونلوجيستيكا” الخاضعة للعقوبات الدولية، بنقل المعدات العسكرية من المنطقة، حيث يأتي ذلك في إطار إعادة تنظيم القوات الروسية في سوريا بعد التحولات الأخيرة.

مع استمرار التحولات السياسية والعسكرية في سوريا، تسعى روسيا للحفاظ على وجودها في المناطق الاستراتيجية مثل القامشلي وطرطوس، لكن مستقبل هذا الوجود يرتبط بالمفاوضات مع الحكومة السورية الجديدة والتطورات الإقليمية والدولية.

وبينما تعيد موسكو ترتيب أوراقها، يبقى السؤال: هل ستنجح في ترسيخ نفوذها أم أن المتغيرات الأخيرة ستدفعها للتراجع؟ في ظل هذا التعقيد الجيوسياسي، تواصل روسيا إعادة تشكيل استراتيجيتها، إلا أن الأيام القادمة قد تكشف عن تحولات حاسمة لمستقبل وجودها العسكري في سوريا.

مقالات ذات صلة