أصدرت وزارة العدل السورية قرارًا بإحالة عدد من القضاة الذين زاولوا مهام قضائية ضمن محكمة قضايا الإرهاب إلى إدارة التفتيش القضائي للتحقيق معهم حول أدائهم منذ تأسيس المحكمة وحتى الآن، جاء القرار بناءً على أحكام قانون السلطة القضائية وقانون الموظفين الأساسي، يهدف إلى تحقيق العدالة الانتقالية ومراجعة الممارسات القضائية خلال فترة عمل هذه المحكمة المثيرة للجدل.
تفاصيل القرار: من هم القضاة وما هي التهم الموجهة إليهم؟
وفقًا للقرار الصادر عن وزير العدل، سيتم التحقيق مع القضاة الذين عملوا في محكمة قضايا الإرهاب في أدوار مختلفة، بما في ذلك النيابة العامة، التحقيق، محكمة الجنايات، والنقض، القرار يشمل قضاة وردت أسماؤهم في جدول مرفق، وسيتم التحقيق معهم حول المخالفات المسلكية والقانونية التي قد تكون ارتكبت خلال فترة عملهم في المحكمة.
من بين الأسماء الواردة في القائمة، القاضية خلود الحموي، التي أثارت قضاياها جدلاً واسعًا بسبب الأحكام الصادرة عنها، والتي وصفها الكثيرون بأنها كانت قاسية وغير عادلة، يقول المحامي فراس ثلجي، في حديثه إلى منصة سوريا 24، إن شقيقه كان أحد المتضررين من قرارات القاضية الحموي، حيث حُكم عليه بالسجن لمدة سنة ونصف بتهمة الإرهاب.
ويضيف ثلجي: “هذه الخطوة تعيد الأمل لنا كعائلات تضررت من قرارات هذه المحكمة، ولكننا ننتظر أن تترجم هذه القرارات إلى عدالة حقيقية”.
محكمة قضايا الإرهاب: تاريخ من الجدل
تأسست محكمة قضايا الإرهاب في سوريا في ظل ظروف أمنية وسياسية معقدة، وتم تكليفها بالنظر في قضايا مرتبطة الإرهاب، تعرضت المحكمة لانتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية محلية ودولية، حيث اتُهمت بإصدار أحكام قاسية دون ضمانات محاكمة عادلة، واستخدامها كأداة لقمع المعارضين السياسيين تحت غطاء مكافحة الإرهاب.
منظمة “هيومن رايتس ووتش” كانت قد أصدرت تقارير سابقة تشير إلى أن المحكمة استخدمت أدلة غير كافية، واعتمدت على اعترافات تم الحصول عليها تحت التعذيب، وأصدرت أحكامًا بالإعدام والسجن لفترات طويلة دون مراعاة معايير المحاكمة العادلة.
رحب نشطاء حقوقيون وعائلات المعتقلين بالقرار، معتبرين إياه خطوة أولى نحو تحقيق العدالة الانتقالية ومراجعة الممارسات القضائية التي طالما شابها الشك، يقول ثلجي : “إنه أقوى وأفضل قرار لوزارة العدل حتى الآن، هذا القرار يفتح الباب لمراجعة ملفات كثيرة ظلمت فيها عائلات بأكملها، نأمل أن يكون بداية لتحقيق العدالة”.
القرار الذي دخل حيز التنفيذ في 12 فبراير 2025، يُعتبر خطوة غير مسبوقة في تاريخ القضاء السوري، ويعد التحدي الأكبر في ضمان نزاهة التحقيقات وشفافيتها، وضمان أن تؤدي هذه الخطوة إلى إصلاحات حقيقية تعيد الثقة في النظام القضائي.
إذ يترقب الجميع في الوقت الحالي نتائج التحقيقات على أمل أن تكون هذه الخطوة بداية لعهد جديد من العدالة والشفافية في سوريا.
العدالة الانتقالية: هل هي الهدف الحقيقي؟
القرار يأتي في إطار ما يُعرف بالعدالة الانتقالية، التي تهدف إلى مراجعة الممارسات السابقة وضمان عدم تكرار الانتهاكات. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستترجم هذه الخطوة إلى إصلاحات حقيقية، أم أنها ستقتصر على إجراءات رمزية؟