يحاول الصحفي سلطان الأطرش، القادم من مخيمات النزوح في ريف إدلب إلى العاصمة دمشق، تأمين احتياجات منزله الأساسية مع حلول شهر رمضان المبارك. هذا الشهر يمثل له رمزية خاصة، كونه الأول بعد سقوط نظام الأسد، والأول الذي يقضيه بعيدًا عن مسقط رأسه في إدلب، وبعيدًا عن معاناة سكان الخيام في مخيم الكرامة في بلدة قاح.
يواجه سلطان تحديات كبيرة بعد انتقاله للسكن في العاصمة دمشق، حيث اضطر كما يقول لمنصة سوريا ٢٤ لاستئجار منزل يبعد نحو 25 كيلومترًا عن المدينة لتوفير التكاليف بحوالي 70 دولارًا أمريكيًا، إذ إن أقل تكلفة لاستئجار منزل في العاصمة تبلغ نحو 500 دولار شهريًا.
كما بدأت أسعار السلع بالارتفاع مع اقتراب رمضان، ما دفعه لإحضار مؤونته الرمضانية من إدلب بسبب فارق الأسعار الكبير بين محافظة إدلب والعاصمة دمشق، إذ يصل الفارق إلى نحو الضعف. يقول سلطان:
“أنفقت ما يقرب من 70 دولارًا لشراء أساسيات الشهر الكريم من مستلزمات السحور والإفطار، بينما كنت سأضطر لدفع نحو 150 دولارًا على الأقل إذا اشتريتها من العاصمة.”
الصعوبات التي تواجه سلطان في تأمين نفقات السكن الجديد والتكيف مع مستوى الإنفاق خلال شهر رمضان المبارك تتقاطع مع ما يعانيه سكان العاصمة، الذين يواجهون تحديات مالية صعبة أثرت على قدرتهم على توفير المستلزمات الأساسية، مما دفعهم إلى التركيز على شراء المواد الغذائية الضرورية فقط.
ورغم أن الأسعار في العاصمة خلال شهر رمضان أقل من السنوات السابقة، إلا أن ضعف القوة الشرائية يمنع الكثيرين من شراء ما يُسمى بكماليات الشهر الفضيل، مثل مشروبات السوس، التمر الهندي، والحلويات، ما يدفعهم إلى الاكتفاء بالأساسيات.
“البحصة التي تسند الجرة” لم تعد موجودة
يقول محمود الحسن، من سكان حي برزة، لمنصة سوريا 24: “الأسعار جيدة مقارنة بالمواسم الرمضانية السابقة، لكنني للأسف لا أملك المال الكافي لشراء أقل من أساسيات الحياة. وما زاد الأمر سوءًا هو عدم صرف الحكومة للرواتب، ما جعل ’البحصة التي تسند الجرة‘ في مهب الريح.” ويضيف: “مع الأسف، لم يبقَ لنا أي مورد نعتمد عليه إلا الله.”
الأسواق ممتلئة.. والشراء محدود
ورغم توفر المواد الأساسية بكثرة في أسواق دمشق، إلا أن قلة السيولة النقدية تمنع الأهالي من الإقبال على الشراء، بسبب تأخر صرف الرواتب ذات السقف المحدود أصلًا، فضلًا عن فقدان الكثيرين لأعمالهم نتيجة الظروف الأمنية والاقتصادية الصعبة.
أسعار المواد التموينية
كيلو الأرز: 9500 ليرة سورية
كيلو السكر: 7000 ليرة سورية
كيلو المعكرونة: بين 8000 و10000 ليرة سورية
كيلو الشعيرية: 10000 ليرة سورية
كيلو العدس المجروش: 10500 ليرة سورية
كيلو التمر: بين 22000 و50000 ليرة سورية
ليتر الزيت النباتي: 17200 ليرة سورية
كيلو السمن النباتي: 24000 ليرة سورية
أسعار مستلزمات السحور
كيلو اللبنة: 28000 ليرة سورية
كيلو الجبنة البلدية: 35000 ليرة سورية
كيلو الجبنة الشلل: 50000 ليرة سورية
فجوة كبيرة بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء
يقدر سعر صرف الدولار في السوق السوداء بحوالي 10000 ليرة سورية، بينما يثبته مصرف سوريا المركزي عند 13200 ليرة، ما يزيد من تعقيد المشهد الاقتصادي.
وبحسب عدد من سكان دمشق الذين تواصلنا معهم، فإن معظم السلع الغذائية متوفرة، إلا أن كثيرين يفضلون التسوق من البسطات المنتشرة في شوارع العاصمة، نظرًا لفارق الأسعار الكبير بينها وبين المحال التجارية، رغم أن ذلك يكون أحيانًا على حساب الجودة.
واقع اقتصادي مقلق ومستقبل ضبابي
وأظهرت دراسات اقتصادية متنوعة في آب/ أغسطس الماضي أن متوسط إنفاق الأسرة السورية المكونة من خمسة أشخاص يجب أن يتجاوز شهريًا 5 ملايين ليرة سورية، وهو رقم بعيد عن متناول معظم العائلات.
وفي تقرير لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في شباط/ فبراير الجاري، تم الكشف عن أن تسعة من كل عشرة أشخاص في سوريا يعيشون في فقر، وأن واحدًا من كل أربعة أشخاص عاطل عن العمل.
لكن التقرير أشار إلى أنه رغم الأزمة، فإن الاقتصاد السوري يمكن أن يستعيد مستواه قبل الصراع في غضون عقد من الزمن، بشرط تحقيق نمو قوي. إلا أن التحذير الأهم كان أن الاقتصاد لن يستعيد مستواه قبل الصراع قبل عام 2080 وفقًا لمعدلات النمو الحالية، مما يستدعي ارتفاع النمو الاقتصادي السنوي ستة أضعاف لتقصير فترة التعافي إلى عشر سنوات، أو عشرة أضعاف على مدى 15 عامًا لإعادة الاقتصاد إلى المسار الذي كان يجب أن يكون عليه لولا الصراع.