أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً مفصلاً يسلّط الضوء على رؤيتها لتحقيق العدالة الانتقالية في سوريا، عقب التغير السياسي الجذري المتمثل بسقوط نظام بشار الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، مشددة على أن المرحلة الحالية تمثل مفترق طرق يتطلب الانتقال نحو العدالة والمصالحة الوطنية، بعد أكثر من عقد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وأوضحت الشبكة في تقريرها الذي اطلعت عليه منصة سوريا 24 أن العدالة الانتقالية هي الأساس لضمان السلم الأهلي وبناء دولة القانون، مؤكدة على ضرورة إنشاء هيئة وطنية مستقلة تتمتع بالكفاءة والنزاهة، وتعمل ضمن إطار قانوني واضح ومتماشٍ مع المعايير الدولية، إذ تشمل مهامها الكشف عن الحقيقة، والمساءلة الجنائية، وتعويض الضحايا، والمساهمة في إصلاح مؤسسات الدولة.
وأشار التقرير إلى الجهود التوثيقية الهائلة التي بذلتها الشبكة منذ عام 2011، والتي أثمرت عن قاعدة بيانات تضم ملايين الوقائع المتعلقة بالانتهاكات، إضافة إلى قائمة موسعة تضم أسماء أكثر من 16,000 شخص يُشتبه بتورطهم في ارتكاب جرائم ضد المدنيين، بينهم قيادات من الصفين الأول والثاني في الجيش والأمن. ودعت الشبكة إلى محاكمتهم ضمن محاكم مختلطة مدعومة بخبرات دولية لضمان المحاسبة العادلة.
وأكدت الشبكة أهمية تفعيل لجان تقصي الحقائق وكشف مصير المختفين قسرياً، إلى جانب إنشاء برامج لجبر الضرر تشمل تعويضات مادية ومعنوية وخدمات صحية وتعليمية للضحايا، وتخليد ذكراهم بوسائل رمزية ومؤسساتية، من أجل ترسيخ الذاكرة الوطنية وتعزيز المصالحة.
واختتم التقرير بالتشديد على أن إصلاح المؤسسات القضائية والأمنية والعسكرية يمثل حجر الزاوية في بناء سوريا الجديدة، داعياً إلى إعادة هيكلة هذه المؤسسات وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وضمان استقلال القضاء، مع إشراك المجتمع المدني والجهات الدولية في دعم هذا التحول التاريخي.