تشهد أحياء “باب السباع” و”باب الدريب” و”جب الجندلي” في مدينة حمص القديمة، حالة من الاستياء الشعبي نتيجة ما وصفه السكان بـ”التمييز السلبي” في تقديم الخدمات الأساسية مقارنة بأحياء أخرى مثل الإنشاءات والغوطة والدبلان والوعر الجديد.
ويعاني سكان هذه المناطق من تدهور كبير في مستوى النظافة العامة، وضعف الصيانة في الطرقات، وتراجع خدمات الصرف الصحي، رغم أهمية هذه الأحياء كجزء أساسي من النسيج العمراني والاجتماعي لمدينة حمص، في حين أن الحال لا يختلف كثيرا في ريف المدينة.
تراكم القمامة وتشقق الطرقات
أكد فواز الموصللي، أحد سكان حي باب السباع في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن موضوع النظافة في منطقتهم يعاني من تقصير كبير، مشيراً إلى أن عمال بلدية حمص لا يتواجدون بشكل منتظم أو كافٍ لأداء مهام التنظيف اليومية.
وقال الموصللي: “لقد أصبح الحفاظ على نظافة الحي يعتمد إلى حد كبير على وعي المواطنين أنفسهم، وهو أمر غير طبيعي. دور البلدية ضروري، ويجب أن تتواجد فرق نظافة منتظمة لمساعدة الأهالي في الحفاظ على البيئة العامة نظيفة”.
وأضاف أن الوضع لا يقتصر فقط على مشكلة القمامة، بل يمتد إلى حالة الطرق التي وصفها بـ”الكارثية”، حيث تعاني الشوارع من التشققات والحفر الكبيرة، مما يستدعي ضرورة إعادة تزفيتها وإصلاحها في أقرب وقت.
أما فيما يتعلق بخدمات الصرف الصحي، فقد لاحظ الموصللي تحسناً نسبياً في الآونة الأخيرة، وقال إن الانسدادات التي كانت تؤثر على تدفق المياه داخل المنازل بدأت تقل تدريجياً، لكنه شدد على ضرورة متابعة هذا الملف لضمان عدم تكرار المشكلة مستقبلاً.
تقصير في إدارة ملف النظافة
من جانبه، أشار حازم بويضاني من حي باب الدريب في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى وجود تقصير واضح في إدارة ملف النظافة ناتج عن عدة عوامل، منها نقص عدد الآليات المتاحة لدى البلديات، وتدهور الأجور التي يتقاضاها العمال، وخاصة عمال النظافة.
وقال بويضاني: “الرواتب ما زالت متواضعة جداً، ولا تتناسب مع طبيعة العمل الشاقة، فراتب عامل النظافة لا يتجاوز 200 ألف ليرة سورية، وهو مبلغ لا يغطي حتى الحد الأدنى من متطلبات الحياة”.
وأوضح أن بعض المنظمات الدولية تبنّت هذا الملف مؤخراً، وقامت بتوظيف عدد من العمال، لكن الأمور المالية ما زالت تشكل تحدياً كبيراً أمام تحسين الخدمات.
ودعا بويضاني إلى تحديث شامل لقطاع النظافة في المدينة، عبر توفير آليات حديثة، وزيادة عدد العمالة، وتوفير حاويات نفايات متطورة وموزعة بشكل منهجي، مضيفاً أن هناك حاجة ملحة لإنشاء معمل لإعادة تدوير النفايات في المحافظة، يمكن من خلاله الاستفادة من النفايات في مجالات أخرى مثل إنتاج الطاقة أو الأسمدة العضوية.
ويشير السكان إلى أن الخدمات في أحياء مثل “الإنشاءات” و”الغوطة” و”الدبلان” و”الوعر الجديد” أفضل بكثير من تلك الموجودة في أحياء حمص القديمة، سواء من حيث انتظام جولات جمع القمامة، أو صيانة الطرقات، أو تحسين شبكة الصرف الصحي.
ويتهم البعض الجهات المعنية بتفضيل الأحياء الجديدة على حساب القديمة، ما يُفاقم من شعور السكان بالإهمال والتجاهل.
حال الريف لا يختلف عن المدينة
ولا يقتصر الحال بالنسبة لأحياء حمص القديمة، بل يمتد إلى مناطق متفرقة في ريف حمص الشمالي، سواء في تلبيسة أو ما حولها، حيث المعاناة من تراكم القمامة وعدم الاهتمام بشكل كبير بنظافة الشوارع الفرعية في تلك المناطق، وسط الأصوات التي تتعالى مطالبة بالاهتمام أكثر بالجانب الخدمي.
وفي هذا الصدد، قال رئيس المجلس المحلي لمدينة تلبيسة، عبد القادر الشعبان في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “النقطة الأساسية سواء في مدينة حمص القديمة أو في مناطق الريف الشمالي تتعلق بضعف الإمكانيات، سواء من ناحية المحروقات أو الآليات، إضافة إلى نقص في عدد العمال، نحن نعمل ضمن الإمكانات المتاحة، خاصة أن الدولة ما زالت في مراحلها الأولى وتحتاج إلى وقت لتطوير البنية التحتية، وبالفعل هناك تقصير نسبي، لكننا نبذل قصارى جهدنا لتقديم أفضل ما يمكن في ظل الظروف الحالية”.
وأضاف: “هناك تواصل مستمر مع المحافظ والأمانة العامة للمحافظة، وهي الجهة المسؤولة عن البلديات والخدمات العامة، وقد تم مناقشة جميع الملاحظات والاحتياجات، وهناك وعود بتوفير دعم أكبر، سواء من حيث زيادة كميات المحروقات أو تعزيز الطواقم العاملة، فور تحسن الأوضاع”.
وتابع: “الأمور حالياً جيدة إلى حدٍ ما، ويتم العمل حتى في أيام العطل على توحيد الجهود بين الجهات الخدمية لتحسين الواقع، وفي النهاية، يبقى هدفنا الأساسي هو خدمة الأهالي وتقديم أفضل الخدمات لهم”.
وفي ظل هذه الظروف، يطالب سكان الأحياء القديمة في حمص أو حتى في ريف المدينة، بتدخل سريع من الجهات المحلية والجهات المعنية، لإعادة النظر في توزيع الموارد البشرية والمادية، وتحديث البنية التحتية، وتعزيز الخدمات الأساسية، خاصة في قطاعي النظافة والصيانة العامة.
ويرى الأهالي أن الاستثمار في هذه الأحياء ليس فقط أمراً خدمياً، بل هو استثمار تاريخي واجتماعي يجب أن يحظى بالأولوية، باعتبار أن هذه الأحياء تمثل جزءاً مهماً من الهوية الثقافية والحضارية لمدينة حمص وريفها.