تعيش مدينة الرقة حالة متزايدة من القلق والسخط الشعبي بسبب الانتشار الكبير للقمامة في معظم شوارعها وأحيائها السكنية، حيث لم تعد النفايات تقتصر على المكبات أو الحاويات المخصصة، بل باتت تملأ الزوايا العامة، والمواقع الإنشائية المهجورة، وركام الأبنية المدمرة، في مشهد بات مألوفاً ومقلقاً في آنٍ واحد. ومع اقتراب فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، تتزايد المخاوف من تفشي الأمراض نتيجة تراكم النفايات وانتشار الحشرات والقوارض، وسط اتهامات للجهات المعنية بالتقصير والإهمال.
السكان، من جانبهم، أطلقوا نداءات استغاثة تطالب بحلول عاجلة لهذه الأزمة، حيث عبّر العديد منهم عن معاناتهم اليومية من التلوث البيئي والروائح الكريهة، وسط غياب واضح للخدمات البلدية الأساسية. وفي حديث خاص لـ”سوريا 24″، قال الشاب عيسى المصطفى (24 عاماً) من حي المجمع وسط المدينة: “لم يعد هناك زاوية أو بناء مهجور في الحي إلا وامتلأ بالقمامة، أصبحت الرائحة لا تطاق، والذباب يملأ المكان، ونحن نخشى على أطفالنا من الأمراض مع كل يوم يمر دون تدخل حقيقي”.
ويضيف المصطفى أن غياب حاويات القمامة في الأحياء السكنية، باستثناء الشوارع الرئيسية، يدفع السكان إلى رمي النفايات في أماكن عشوائية، ما يزيد من حجم الأزمة، مشيراً إلى أن المشكلة تتفاقم يوماً بعد آخر دون أن يلمسوا تحركاً ملموساً من الجهات المسؤولة.
من جهته، عبّر عباس العجيلي (60 عاماً)، من سكان حي العجيلي، عن استيائه من الوضع القائم، قائلاً: “هذا الحي من أقدم الأحياء في الرقة ويمثل جزءاً من تاريخ المدينة، ومع ذلك، تجد القمامة تملأ الأزقة والممرات الضيقة، في مشهد لا يليق بمدينة مثل الرقة”. وأضاف أن بعض أكوام القمامة لم تُزل منذ أكثر من أسبوع، ما أدى إلى انتشار القوارض والحشرات، مشيراً إلى أن الوضع أصبح لا يُحتمل مع قدوم الصيف.
في المقابل، أوضح مصدر مسؤول في بلدية الرقة، في تصريح خاص لـ”سوريا 24″، أن المشكلة تعود إلى ضعف كبير في الميزانية المخصصة لقطاع النظافة، مشيراً إلى أن معظم الموارد المالية المتوفرة يتم توجيهها حالياً لإعادة تأهيل الطرق المدمرة جراء الحرب. وأضاف: “نواجه نقصاً حاداً في الكوادر البشرية العاملة في النظافة، وهو ما يعيق قدرتنا على رفع القمامة بالشكل المطلوب”.
وأشار المصدر إلى أن أحد أبرز أسباب تفاقم الأزمة يتمثل أيضاً في عدم التزام بعض الأهالي برمي النفايات في الأماكن المخصصة، إلى جانب عرقلة الأعمال الإنشائية في بعض الأحياء القديمة لحركة سيارات النظافة. وأكد أن البلدية أصدرت مؤخراً قوانين صارمة بفرض غرامات مالية على المخالفين بهدف الحد من هذه السلوكيات السلبية.
وفي سياق الحلول المقترحة، أوضح المصدر أن البلدية تعمل على تنظيم حملات توعية في الأحياء والمراكز المجتمعية والمدارس، للتأكيد على أهمية الحفاظ على نظافة المدينة ودور الأهالي في دعم الجهود البلدية، مؤكداً أن معالجة هذه الظاهرة بشكل جذري لن يتم فقط من خلال العقوبات، بل بتعزيز الوعي الجماعي والمسؤولية المجتمعية.
وتبقى أزمة القمامة في الرقة أحد أبرز التحديات البيئية والخدمية التي تواجه سكان المدينة، وتستوجب تحركاً سريعاً ومنظماً من قبل الجهات المحلية والمجتمع المدني، قبل أن تتحول إلى كارثة صحية مع ارتفاع درجات الحرارة وزيادة عوامل التلوث وانتقال العدوى.