في بادرة إنسانية جديدة تهدف إلى سد الفجوة في الخدمات الطبية المتخصصة، أعلنت مديرية الصحة التابعة للمجلس المحلي في مدينة تل أبيض، بالتعاون مع المستشفى الوطني، عن إطلاق مرحلة جديدة من العمليات الجراحية التجميلية المجانية، تستهدف معالجة التشوهات الخلقية كالشفة الأرنبية، وتشوهات ما بعد الحروق، والتي بدأ التسجيل فيها اليوم السبت 10 أيار/مايو 2025، في مستشفى تل أبيض الوطني.
نجاح سابق في رأس العين وتحضيرات للتوسع في تل أبيض
تأتي هذه المرحلة استكمالًا لمبادرة أُطلقت سابقًا في مدينة رأس العين، حيث تم التعاون مع مديرية صحة ولاية أورفا التركية، والتعاقد مع جراح التجميل التركي الدكتور عبد القادر جلاولول لإجراء سلسلة عمليات نوعية. وخلال فترة لا تتجاوز أسبوعين، أُجريت أكثر من خمسين عملية جراحية، شملت تحرير مفاصل اليدين والقدمين، معالجة الندبات الجلدية، والانكماشات الناتجة عن الحروق، محققة نتائج طبية وإنسانية مؤثرة.
وصرّح الأستاذ راكان الجلود، المشرف على التنسيق الطبي بين مستشفى رأس العين والمسؤولين عن المبادرة، لـ”سوريا 24”، أن التجربة السابقة أظهرت بوضوح حجم الحاجة إلى مثل هذه المبادرات في مناطق نبع السلام، التي تعاني من نقص حاد في تخصصات الجراحة التجميلية، وصعوبات في الوصول إلى مراكز طبية متقدمة خارج المنطقة.
حالات حرجة وظروف معيشية صعبة
وأوضح الجلود أن التوسع في تل أبيض يأتي بعد رصد أعداد كبيرة من المرضى، وخاصة الأطفال، الذين يعانون من تشوهات خلقية كالشفة الأرنبية وشراع سقف الحنك، وهي حالات تتطلب تدخلًا جراحيًا مبكرًا لضمان تطور سليم للنطق والقدرة على التغذية. كما أشار إلى وجود عدد كبير من الإصابات الناتجة عن الحروق المنزلية أو مخلفات الحرب والانفجارات، وهي إصابات لا تقتصر على التشوهات الشكلية فقط، بل تؤثر بشكل مباشر في القدرة الحركية والصحة النفسية للمرضى.
وأكد أن الفريق الطبي سيعاين جميع الحالات المسجلة في مستشفى تل أبيض، وسيُجري العمليات بحسب الأولوية الطبية، مع متابعة لاحقة تضمن الاستفادة القصوى من العلاج داخل المنطقة، دون الحاجة إلى تحويل المرضى إلى خارجها.
معاناة الأهالي ورسائل أمل
في شهادة مؤثرة لـ”سوريا 24”، تحدثت والدة الطفل ياسين، البالغ من العمر أربع سنوات، قائلة: “ابني وُلد وهو يعاني من الشفة الأرنبية. منذ سنوات ونحن ننتظر فرصة كهذه، لكن لم نتمكن من السفر إلى دمشق أو مناطق أخرى بسبب الحصار، والتحويل إلى تركيا يقتصر فقط على الحالات الطارئة. نحن على قائمة الانتظار منذ أكثر من عامين دون أي نتيجة. هذه المبادرة أعادت لنا الأمل وتم إجراء العملية له الأسبوع الماضي في المستشفى.”
وأضافت أن هذه الفرصة تعني لأسرتها الكثير، إذ لم تكن تملك الإمكانيات المادية ولا الطبية لعلاج طفلها، وأن إجراء العملية في الداخل يختصر سنوات من الانتظار والمعاناة.
من جهتها، دعت الجهات الصحية في تل أبيض جميع الأهالي الذين لديهم أطفال أو أفراد يعانون من تشوهات خلقية أو آثار حروق، إلى التوجه إلى مكتب التحويل في مستشفى تل أبيض لتسجيل أسمائهم. وأكدت أن التسجيل مفتوح للجميع، وسيتم اتخاذ الخطوات اللازمة بأقصى سرعة، بما يضمن شمول أكبر عدد ممكن من الحالات في المرحلة القادمة.
هذا وتؤكد المبادرة أهمية تعزيز الخدمات الطبية المحلية في منطقة نبع السلام، حيث تفتح آفاق الشفاء وتُعيد الحياة الطبيعية للمرضى وأسرهم.