في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها محافظة درعا، يعاني الواقع الرياضي من تحديات كبيرة على المستويين المادي والبنية التحتية، إلا أن هناك محاولات متواضعة لإعادة الروح الرياضية إلى المحافظة. ويُشكّل نادي الشعلة أحد أبرز النماذج على هذه المحاولات، رغم المعيقات الكثيرة التي تواجهه.
من أهم التحديات: الوضع الاقتصادي
وقال حمزة العيد، المنسق الإعلامي لنادي الشعلة، في حديث لمنصة سوريا 24: “ما زالت التحديات تقف عائقًا أمام النشاط الرياضي في محافظة درعا، لأسباب عدة منها تعطل الاستثمارات في العديد من الأندية التي تمتلك مواقع استثمارية، والبعض الآخر من الأندية التي لا يوجد لها أي مردود مالي لعدم وجود أي استثمار”.
وأضاف: “من أهم التحديات الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد منذ أشهر بعد سقوط النظام البائد، مما يشكل عائقًا كبيرًا على المجتمع والفرد الرياضي، وذلك بالرغم من الاستقرار الأمني وانتشار الأمن والأمان في جميع أنحاء المحافظة”.
نشاطات رياضية متفرقة رغم الصعوبات
ورغم كل الصعوبات، لا تزال بعض الأنشطة الرياضية مستمرة في مختلف مناطق المحافظة. ففي الريفين الشرقي والغربي، لوحظ انتعاش نسبي في لعبة كرة القدم عبر الملاعب السداسية، حيث تشارك جميع أندية المحافظة بفعالية.
كما عادت لعبة كرة السلة إلى الواجهة، مع إعلان نادي جباب عن تنظيم بطولة “النصر والتحرير” بمشاركة أندية (جباب – الصنمين – خبب)، وقد شارك النادي بفريقين في البطولة.
كما أُقيمت بطولة للشطرنج بمشاركة 33 لاعبًا وفق النظام السويسري في سبع جولات، وهو مؤشر على وجود حراك رياضي متواضع في المحافظة.
وفي المسابقات الوطنية، حقق منتخب درعا نتائج مميزة، إذ احتل المركز الثاني لفئة الذكور والثالث للفتيات في لعبة الكاراتيه خلال مسابقة الجمهورية، وحصد 19 ميدالية (9 ذهبية، 2 فضية، و8 برونزية). كما حصل منتخب درعا للكيك بوكسينغ على 4 ميداليات (ذهبية واحدة، فضيتين، وبرونزية) ضمن البطولة نفسها.
التحديات التي تواجه الرياضيين في درعا
يرى العيد أن من أبرز التحديات التي تواجه الرياضيين في درعا غياب البنية التحتية المناسبة، وعدم توفر منشآت رياضية مؤهلة تمكنهم من التدريب بشكل محترف.
وقال: “الفكرة أن كرة القدم هي اللعبة الأكثر حظًا لوجود ملعب عشب صناعي يستخدمه غالبية الأندية، بما فيها الشعلة بجميع فئاته، فيما تبقى الألعاب الأخرى تعاني بسبب ما تعانيه الصالة الرياضية من خراب واهتراء”.
وأوضح: “أما الجانب الاقتصادي، فهو أحد التحديات الكبيرة التي تواجه الرياضيين في ظل العجز المالي في الأندية، مما يدفع الرياضي إلى اللجوء لأعمال أخرى لكي يؤمّن احتياجاته الشخصية والأسرية، فغالبًا ما تكون الرواتب والأجور قليلة أو معدومة لدى الرياضي”.
المنشآت الرياضية: حالة تدهور خطيرة
ووصف حمزة العيد وضع المنشآت الرياضية في درعا بأنه “كارثي”، مشيرًا إلى أن الصالة الرياضية في المدينة الرياضية بدرعا بحاجة إلى إعادة تأهيل شاملة منذ سنوات.
وقال: “المنشآت الرياضية في درعا متهالكة جدًا، فالصالة الرياضية في المدينة الرياضية بدرعا تعاني منذ سنوات، وهي بحاجة إلى ترميم كامل”.
وعن ملاعب كرة القدم، قال: “لا يوجد سوى ملعب واحد فقط جاهز، وهو ملعب العشب الصناعي، وبلا مدرجات، ما يجعل إقامة المباريات الرسمية عليه أمرًا صعبًا، وإن تم، فسيكون هناك مشكلة في تواجد الجماهير التي تعاني من عدم وجود أماكن مناسبة لمتابعة المباريات”.
أما بالنسبة لملعب البانوراما: “الملعب موجود لكنه خارج الخدمة، لعدم اكتمال أرضيته وخروج المرافق العامة فيه من الخدمة، رغم أنه يتسع لـ 15 ألف متفرج”.
جهود لإصلاح الواقع الرياضي
ورغم كل ذلك، كشف العيد عن وجود جهود من قبل مديرية الشباب والرياضة في درعا لتحسين الواقع الرياضي، من خلال العمل على ترميم الصالة الرياضية وإكمال ملعب البانوراما، سواء عبر الدعم الحكومي أو من خلال المنظمات الخدمية.
وقال: “هناك جهود كبيرة من قبل مديرية الرياضة في درعا لإيجاد حلول لترميم الصالة الرياضية وإكمال ملعب البانوراما، عن طريق الحكومة أو عن طريق المنظمات الخدمية”.
استعدادات نادي الشعلة للمستقبل
وفيما يتعلق باستعدادات نادي الشعلة للمستقبل، فقد بدأ الفريق الأول لكرة القدم استعداداته لاستئناف الدوري منذ الأسبوع الماضي، حيث عقدت إدارة النادي اجتماعًا موسعًا مع الكادر الفني والإداري واللاعبين لمناقشة التحضيرات والمشاكل التي تواجه الفريق.
وقال العيد: “بدأت استعدادات الشعلة لاستئناف الدوري في الأسبوع المنصرم، حيث عقدت إدارة نادي الشعلة اجتماعًا للكادر الفني والإداري ولاعبي الفريق الأول لكرة القدم، لمناقشة الأوضاع والاستماع لمشاكل ومتطلبات الكادر الفني واللاعبين، حيث يوجد 15 لاعبًا من خارج المحافظة يلعبون مع نادي الشعلة بالإضافة إلى الكادر الفني”.
وأكد أن الإدارة وعدت بتذليل المشاكل والمعوقات في سبيل الاستمرار في تحقيق نتائج إيجابية والوصول إلى مرحلة البلاي أوف، مشيرًا إلى أن النادي يحتل حاليًا المركز الخامس في الترتيب العام، مع مباراة مؤجلة أمام فريق الأهلي الحلبي. وقال: “كما وعدت الإدارة بصرف مستحقات اللاعبين كاملة مع بداية كل شهر، من خلال متابعة ودعم غير محدود من قبل شركة عمر قداح التجارية”.
ورغم كل التحديات التي تواجه الرياضة في درعا، يبدو أن هناك إرادة داخل الأندية، وخصوصًا نادي الشعلة، لإبقاء جذوة الرياضة مشتعلة.
ومع وجود جهود لإصلاح البنية التحتية ودعم الأندية ماليًا، يبقى الأمل معقودًا على أن تشهد الرياضة في درعا نهضة حقيقية في المستقبل القريب، شرط استمرار الدعم وتوفر الاستقرار.
وإذا ما أُعطيت الأولوية للمنشآت الرياضية، وتم توفير دعم حقيقي من الجهات المعنية، فإن درعا قادرة على تقديم الكثير في المجال الرياضي، خصوصًا أنها تمتلك كوادر بشرية واعدة، وملاعب يمكن تأهيلها بسهولة لو وُجدت الإرادة الحقيقية.