ريف حمص: انخفاض الأسعار وعودة النازحين ينعشان الحركة العمرانية

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -خاص

تشهد مناطق ريف حمص الشمالي، خصوصاً مدينتي تلبيسة والرستن، حالة نسبية من الانتعاش في الحركة العمرانية خلال الآونة الأخيرة، بعد سنوات طويلة من الدمار والتهجير القسري الذي فرضته المعارك سابقاً.

هذا التحسن يعود إلى عوامل متعددة تشمل انخفاض أسعار مواد البناء، وبدء عودة أهالي المنطقة من مخيمات اللجوء والنزوح، فضلاً عن تحسن البيئة الأمنية بشكل عام.

انخفاض أسعار مواد البناء دعامة أساسية للانتعاش

وأكد أحمد العيسى، صاحب مكتب عقاري بريف حمص الشمالي في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، أن هناك طلباً متزايداً على العقارات في الآونة الأخيرة، وهو ما يُعزى إلى “انخفاض كبير” في أسعار مواد البناء مقارنة بالأعوام السابقة.

وأشار إلى أن سعر طن الأسمنت يتراوح حالياً بين 115 و120 دولاراً أمريكياً للطن الواحد، بحسب نوعيته، بينما بلغ سعر البلوكة الواحدة حوالي 4000 ليرة سورية، ووصل سعر طن الحديد نحو 650 دولاراً.

وأضاف العيسى أن “الحركة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً بعد تحرير المنطقة، حيث كانت المواد الإنشائية تُفرض عليها إتاوات باهظة من قبل النظام السابق، مما كان يرفع تكلفتها على المواطنين”، لافتاً إلى أن هذه الانخفاضات ساعدت كثيراً في تحفيز الأهالي على إعادة ترميم منازلهم أو بناء أخرى جديدة.

عودة الأهالي سبب رئيسي

من جانبه، أكد رئيس المجلس المحلي لمدينة تلبيسة، عبد القادر الشعبان، أن: “سبب انتعاش الحركة العمرانية هو بدء عودة الأهالي من مخيمات النزوح في شمال سوريا ولبنان وتركيا، الذين بدأوا بالعودة إلى بلداتهم وقراهم بهدف الاستقرار، وترميم منازلهم المدمرة جزئياً أو كلياً”.

وأوضح الشعبان في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن هذه العودة تزامنت مع توفر الرخص العمرانية، لكنه استدرك قائلاً إن: “إجراءات الحصول على هذه الرخص ما زالت معقدة ومرتفعة التكلفة، خصوصاً لدى نقابة المهندسين”.

وعلى الرغم من وجود بعض المؤشرات الإيجابية، فإن دور الجهات الخدمية والرسمية لا يزال محدوداً، بحسب تصريحات المسؤولين المحليين.

وذكر الشعبان أن: “المجلس المحلي قدم معلومات لأكثر من منظمة دولية ومحلية حول عدد المنازل المتضررة جزئياً أو كلياً، “لكننا ما زلنا ننتظر ردوداً إيجابية لدعم عمليات الترميم”.

وأكد أن مدينتي تلبيسة والرستن هما الأكثر تضرراً في ريف حمص الشمالي، بسبب تعرضهما لقصف مكثف في الأيام الأولى لسقوط نظام الأسد السابق، مما ترك أثراً دمارياً كبيراً على البنية التحتية والمنازل.

التحديات التي تواجه الحركة العمرانية

رغم مؤشرات الانتعاش، إلا أن هناك تحديات كبيرة لا تزال تعوق استعادة الحياة الطبيعية ودفع عجلة البناء والاستقرار.

أبرز التحديات، بحسب رئيس المجلس المحلي، هو: “عدم استقرار سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل الليرة السورية”، مما يخلق حالة من عدم اليقين بالنسبة للمواطنين الذين يخططون لبناء أو ترميم منازلهم.

كما يعاني المواطنون من “ارتفاع كبير” في رسوم الترخيص لدى نقابة المهندسين، حيث يصل سعر متر الرخصة إلى 40 ألف ليرة سورية، أي أن منزل مساحته 100 متر يتطلب دفع 4 ملايين ليرة سورية فقط لتسجيل الرخصة، دون احتساب تكاليف البناء والإكساء.

وأشار الشعبان إلى أن المجلس المحلي عقد اجتماعاً مع الأمانة العامة لمجلس محافظة حمص، بخصوص تخفيض رسوم الترخيص، وقد تم تقديم وعود بإيجاد حلول لهذه المشكلة، لكنها ما زالت قيد النقاش ولم تترجم على الأرض بعد.

آمال واقعية بتحقيق استقرار عمراني حقيقي

وبين الانخفاض النسبي لأسعار مواد البناء، وبداية عودة النازحين، واستمرار الجهود لإعادة تفعيل السجل العقاري، يظهر أن ريف حمص الشمالي يخطو خطوات أولى نحو التعافي العمراني.

ولتحقيق استقرار حقيقي، يحتاج القطاع إلى تدخلات أكثر فاعلية من المنظمات الدولية، وتخفيف العبء الإداري والمالي على المواطنين، فضلاً عن ضبط تقلبات السوق وسعر الصرف.

ولا يزال الأمل معقوداً بأن تسهم هذه الخطوات، ولو البطيئة، في إعادة وجه الحياة إلى القرى والمدن التي شهدت سنوات من الحرب والدمار.

مقالات ذات صلة