ضمن سعيها لتسليط الضوء على فئة مهمشة في المجتمع السوري، أطلقت منظمة “الوكالة السورية للإنقاذ” مبادرة نوعية بعنوان “نسمع بقلوبنا”، استهدفت الأطفال من ذوي الإعاقة السمعية في دمشق، وذلك بالتعاون مع الاتحاد الرياضي العام، وفريق “ملهمون”، وجمعية “إشارتي”.
قالت هند منجفيكا، المسؤولة عن الدعم النفسي في قسم حماية الطفل بالمنظمة، لمنصة سوريا 24 إن : “المبادرة موجهة لذوي الهمم، وتحديدًا لفئة الصم، لإيصال رسالة مفادها أن من لا يستطيعون التعبير بالكلام، يمكننا أن نسمعهم بقلوبنا”.
وتهدف المبادرة إلى دمج الأطفال الصم في الحياة الاجتماعية عبر أنشطة ترفيهية وتعليمية متنوعة، ترتكز على اللعب كوسيلة للتفاعل وبناء العلاقات. وشملت الأنشطة فعاليات للرسم تُمكّن الطفل من التعبير عن نفسه بطريقته الخاصة، بالإضافة إلى ألعاب تعتمد على المنطق والذاكرة والتعاون الجماعي، مثل لعبة “الأكواب السحرية”، التي تعتمد على ترتيب الألوان وفق صور معينة، وأخرى تعزز روح الفريق من خلال سباقات جماعية.
أضافت منجفيكا: “اعتمدنا على لوحات تفاعلية لتحفيز قدرات الذاكرة والتركيز، وكان تفاعل الأطفال الصم مفاجئًا لنا، إذ أظهروا طاقة إيجابية وروحًا جماعية عالية، رغم تحديات التواصل، التي جرى تجاوزها بوجود مترجمين بلغة الإشارة، وبتدريب الفريق على أساسيات هذه اللغة”.
وأشارت إلى أن الأطفال المشاركين كانوا منضبطين ومتعاونين بشكل لافت، ما سهّل عملية تنفيذ الأنشطة بسلاسة، مقارنة بمبادرات سابقة استهدفت فئات أخرى من الأطفال.
وحسب منجفيكا، فإن المبادرة لم تقتصر على الأطفال الصم فقط، بل شملت أيضًا عددًا من الأطفال الناطقين، ما أتاح فرصة لتعليم الطرفين أسس التواصل بلغة الإشارة، وخلق بيئة اندماج حقيقية تُسهم في كسر الحواجز المجتمعية بين الأطفال.
وأكدت أن فئة ذوي الهمم لا تحظى بالاهتمام الكافي في المبادرات المجتمعية، باستثناء بعض الجمعيات المتخصصة، مضيفة: “نحن نعمل على تسليط الضوء على هذه الفئة المنسية، ليس فقط كمستفيدين من الدعم، بل كأعضاء فاعلين في المجتمع، لهم دورهم وقدراتهم”.
وتحدثت عن نشاطات سابقة نفذتها “الوكالة السورية للإنقاذ”، التي تأسست في عام 2013 بتركيا، قبل أن توسع عملها إلى محافظة إدلب، مشيرة إلى أن المنظمة تخطط للوصول إلى مختلف المحافظات السورية مستقبلًا.
واختتمت منجفيكا بالقول: “عملنا شمل سابقًا أطفال المخيمات، وقدمنا لهم مستلزمات دراسية وورشات تدريبية للأمهات، خصوصًا المطلقات، لضمان حياة كريمة لأطفالهن. واليوم نواصل هذا العمل من خلال مبادرات تستهدف الأطفال بشكل مباشر، أو عبر دعم أسرهم، إيمانًا منا بأن كل طفل يستحق فرصة عادلة للعيش والاندماج”.
تعكس هذه المبادرات مثل مبادرة “نسمع بقلوبنا” توجهًا إنسانيًا جديدًا في العمل المجتمعي، يركز على خلق مساحة تفاعلية تُتيح للأطفال من ذوي الإعاقة السمعية التعبير عن أنفسهم، وإظهار مواهبهم، وبناء علاقات قائمة على التفاهم والاحترام المتبادل مع أقرانهم من الأطفال الناطقين.
وبينما تغيب هذه الفئة عن أولويات معظم المنظمات العاملة في الشأن الإنساني، التي تركز غالبًا على المتضررين بشكل مباشر من الحرب، تسعى مثل مبادرة “نسمع بقلوبنا” إلى إحداث تغيير في هذا المفهوم، عبر إطلاق مبادرات مشابهة وشاملة تُعزز من حضور ذوي الهمم في المجتمع، وتكرّس مبدأ المساواة والدمج الكامل.
وفي ختام حديثها لـ SY24، عبّرت هند منجفيكا عن أملها في أن تكون هذه المبادرة نقطة انطلاق لسلسلة من الأنشطة التي تعيد الاعتبار لفئة الأطفال الصم وذوي الهمم عامة، مؤكدة أن المجتمع السوري بحاجة إلى إعادة النظر في كيفية تعامله مع هذه الفئات، ليس فقط من باب الدعم والرعاية، بل من باب التمكين والاعتراف بقدراتهم.