القامشلي : قصة نجاح شابة تؤسس معهدًا للموسيقى بجهود فردية

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

استطاعت الشابة جيهان شانباز أن تحقق حلمها رغم كل التحديات، وتحوّل شغفها بالموسيقى إلى مشروع ملموس يخدم مجتمعها. في عمر الرابعة والعشرين، افتتحت معهدًا موسيقيًا خاصًا لتعليم الأطفال واليافعين العزف والإيقاع، لتكون بذلك من أوائل النساء اللواتي يؤسسن فضاءً فنيًا مستقلًا في مدينة القامشلي. المشروع، الذي بدأ بإمكانيات شخصية، تحوّل اليوم إلى منبر لنقل التراث الموسيقي وتعليم الجيل الجديد التعبير عن ذاته من خلال النغم.

رحلة بدأت من الشعور الأول

تقول جيهان شانباز لـ”سوريا 24” إن علاقتها بالدف بدأت بإحساس خاص لم تختبره مع أي آلة أخرى، مشيرة إلى أن أول مرة عزفت على الدف كانت تجربة غريبة وجميلة في آنٍ معًا، حيث شعرت وكأنها تتحدث من دون كلمات. تضيف أن هذه الآلة بسيطة لكنها قادرة على إيصال الصوت إلى أعماق النفس، وهذا ما جذبها إليها دون سواها.

منذ تلك اللحظة، بدأت جيهان دراستها للموسيقى، وتخرجت في أحد معاهد الموسيقى، لتبدأ العمل كمدرسة إيقاع. لم تكتفِ بما تعلمته، بل التحقت بعدة معاهد موسيقية أخرى بهدف تطوير مهاراتها وتوسيع معارفها، حتى أصبحت متخصصة في آلة الدف التي تصفها بأنها امتداد لجسدها وروحها.

ترى أن الدف آلة تراثية قديمة استخدمت في الأفراح والمناسبات الدينية، ولها مكانة عاطفية وتاريخية في المجتمع، مشيرة إلى أن صوته يحمل دفئًا وقوة لا توفرها أي آلة إيقاعية أخرى.

تأسيس المعهد والتغلب على التحديات

افتتاح معهد موسيقي خاص لم يكن أمرًا سهلًا، خاصة في ظل غياب الدعم المادي والمعنوي وصعوبة تغيير نظرة المجتمع نحو الموسيقى وآلة الدف على وجه الخصوص. توضح جيهان أن أحد أكبر التحديات التي واجهتها كان إقناع الناس بأهمية الموسيقى، وتحديدًا الدف، لكن شغفها دفعها إلى الاستمرار والمثابرة رغم كل الصعوبات.

اليوم، تشرف جيهان على تعليم ما بين 40 إلى 50 طالبًا وطالبة، تتراوح أعمارهم بين 7 و18 عامًا، موزعين على مجموعتين: الأطفال واليافعين. تقول إنها تحاول أن تجعل بيئة التعليم ممتعة وآمنة وخالية من التوتر، من خلال تقديم الأساسيات بطريقة بسيطة ومرنة، بحيث لا يشعر الطلاب بالملل.

وتشير إلى وجود فرق واضح بين الجيل القديم والجديد في طريقة تعلم الإيقاع، فبينما كان الجيل السابق يعتمد على الإحساس والارتباط بالتراث، يميل الجيل الجديد إلى السرعة والتكنولوجيا. وتؤكد أنها تحاول إيجاد توازن بين الطريقتين للحفاظ على عمق الموسيقى وخصوصيتها الثقافية. 

صوت على خشبة المسرح وحلم يتوسع

شاركت جيهان في عدد من المهرجانات المحلية، من بينها مهرجان أوركيش السنوي ومهرجان المرأة، حيث كانت أول فتاة تقدم صولو منفردًا على آلة الدف. وتقول إن هذه المشاركات شكّلت نقطة تحول في مسيرتها، خاصة مع الدعم الكبير الذي تلقته من والديها، اللذين وقفا إلى جانبها وشجعاها على المضي قدمًا.

كما أشرفت في العام الأخير على تدريب فرق أوركسترا موسيقية وقدمت عروضًا في مدن مثل الطبقة والرقة، ضمن فعاليات حضرها جمهور متنوع من مختلف المكونات.

تختم جيهان حديثها بالتعبير عن طموحاتها المستقبلية، موضحة أنها تسعى إلى تطوير مهاراتها والوصول إلى مستوى احترافي عالمي، والمشاركة في مهرجانات دولية تمثل من خلالها ثقافة الدف الكردي. كما تطمح إلى تأسيس ورش عمل ومعاهد متخصصة بالإيقاع، تمزج بين التراث والتقنيات الحديثة، وتنقل الموسيقى كهوية وثقافة للأجيال القادمة.

مقالات ذات صلة