أكدت إيديم وسورنو، مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، أن قرار رفع العقوبات عن سوريا ولّد حالة من التفاؤل لدى الشعب السوري، خاصةً بين العائدين إلى مناطقهم بعد سنوات من النزاع واللجوء.
وأشارت إلى أن هذا القرار فتح آفاقاً جديدة أمام التعاون الدولي مع الحكومة السورية والمنظمات المحلية والدولية، لتعزيز جهود إعادة الإعمار وتلبية الاحتياجات الإنسانية المتراكمة.
وفي مقابلة خاصة مع وكالة “سانا”، أوضحت وسورنو أن هناك تعاوناً قائماً بين عدد من وكالات الأمم المتحدة والحكومة السورية، بما في ذلك منظمة الصحة العالمية مع وزارة الصحة، وبرنامج الأغذية العالمي مع وزارة الزراعة، ومنظمة اليونيسف مع وزارة التربية.
وشددت على ضرورة تركيز الدعم الدولي على تعزيز الخدمات الأساسية مثل المياه والصرف الصحي والرعاية الصحية، إضافة إلى دعم المصالحة المجتمعية وخلق فرص عمل، باعتبارها عناصر أساسية لتحقيق التماسك الاجتماعي والتنمية المستدامة.
وخلال زيارتها الحالية لسوريا، قامت المسؤولة الأممية بجولات ميدانية في عدد من المحافظات، منها حمص واللاذقية وحلب، حيث التقت مسؤولين سوريين وممثلين للأمم المتحدة، بهدف فهم أفضل لاحتياجات السكان بعد التغيرات التي طرأت على الوضع في البلاد، ولا سيما مع عودة مئات الآلاف من النازحين واللاجئين إلى منازلهم.
وقالت وسورنو إن السوريين عبّروا خلال لقاءاتها معهم عن رغبتهم في الحصول على “الأدوات” التي تمكّنهم من إعادة بناء حياتهم بأنفسهم، وليس فقط تلقي المساعدات الإنسانية.
واعتبرت أن دور الأمم المتحدة يجب أن يركز على دعم الشعب السوري دون أي تدخل في القضايا السياسية، والوقوف إلى جانبه في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.
وأشارت إلى أنها ستقوم بنقل ما استمعت إليه مباشرة من السوريين إلى المجتمع الدولي خلال جولاتها المقبلة التي ستتضمن زيارات إلى لبنان وتركيا ونيويورك وجنيف، داعيةً إلى الاستماع أكثر إلى صوت الشعب السوري عند تصميم البرامج والسياسات الدولية.
وأكدت أن المواطنين العائدين من مناطق النزوح واللجوء أعربوا عن حاجتهم إلى الاستقرار، وإلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية كالمياه النظيفة والمرافق الصحية، إضافة إلى فرص العمل والاعتماد على الذات، وهو مؤشر واضح على صمود الشعب السوري وقدرته على التعافي رغم الظروف الصعبة.
وشددت وسورنو على أن الأمم المتحدة ملتزمة بالمبادئ الإنسانية الأساسية، وهي الاستقلالية والحياد وعدم التحيز، مشيرة إلى لقاءاتها مع نساء سوريات تجسد فيهن الصمود والقدرة على التحمل، وعملت على إيصال أصواتهن إلى الجهات المعنية دولياً.
ومن أبرز المطالب التي سجلتها وسورنو خلال لقاءاتها، كانت الحاجة الملحة إلى تعزيز المصالحة والتماسك الاجتماعي، وهو أمر ستتولى جهات أممية متخصصة دعمه مستقبلاً. كما أشادت بدور المنظمات المحلية، مثل الهلال الأحمر العربي السوري، والمنظمات النسائية، والأطباء السوريين العائدين من الخارج للعمل في المستشفيات، مثل مستشفى “الرازي” في حلب، الذين طلبوا فقط الدعم التقني وبناء القدرات.
وذكرت أن رفع العقوبات سيسهم بشكل كبير في تسريع عملية دخول التجهيزات الطبية والبنية التحتية التي كانت محظورة سابقاً، مثل أجهزة التصوير بالرنين المغناطيسي، مما يفتح المجال أمام إعادة تأهيل المرافق العامة والخدمات الأساسية، في ظل زيادة أعداد العائدين من اللاجئين والنازحين.
وعلى صعيد الدعم الإنساني، كشفت وسورنو عن انخفاض نسبة تمويل نداء الاستجابة الإنسانية لسوريا من 70% عام 2019 إلى 36% عام 2024، لتصل حالياً إلى أقل من 10.3%. وعبّرت عن أملها في أن يؤدي رفع العقوبات إلى تحفيز الدول الأعضاء والمؤسسات المالية الدولية على تقديم دعم أكبر، داعيةً إلى توجيه تمويل مباشر للمنظمات الأهلية المحلية من خلال آليات تمويل مجمعة، تجنباً للبيروقراطية المعقدة التي تمر بها بعض المنظمات الدولية.
واختتمت وسورنو تصريحاتها بالتأكيد على ضرورة إعادة ضبط العمل الإنساني بحيث يكون مبنياً على شراكات حقيقية مع الشركاء المحليين، من سلطات محلية ومنظمات مجتمع مدني ومنظمات نسائية، لضمان تنفيذ فعال ومستدام للبرامج التنموية والإنسانية في مختلف المناطق السورية.