أطلقت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) تحذيرًا شديد اللهجة من موجة جفاف غير مسبوقة تضرب سوريا هذا العام، قد تؤدي إلى فقدان نحو 75% من محصول القمح، مما يعرض الأمن الغذائي لملايين السوريين للخطر.
وقال توني إيتل، ممثل الفاو في سوريا، إن المنظمة تتوقع عجزًا في إنتاج القمح يُقدَّر بنحو 2.7 مليون طن، وهي كمية تكفي لإطعام أكثر من 16 مليون شخص لمدة عام.
كما شدد على أن تخفيف العقوبات الاقتصادية وتدفق الدعم المالي قد يسهمان في إنعاش القطاع الزراعي، من خلال إدخال تقنيات تساعد في ترشيد استخدام المياه وزيادة كفاءة الإنتاج.
وفي وقت سابق، أصدرت منظمة الغذاء العالمي تقريرًا أكدت فيه استمرار أزمة الأمن الغذائي في سوريا، مع توقعات بإنتاج حبوب دون المتوسط، وارتفاع في معدلات انعدام الأمن الغذائي، رغم انخفاض نسبي في أسعار المواد الغذائية.
وربط التقرير بين تفاقم الأزمة وهشاشة الاقتصاد السوري، واستمرار النزاع، وتغير المناخ، مشيرًا إلى ضرورة التحرك الإنساني العاجل لتفادي اتساع دائرة المعاناة.
ووفق التقرير، فإن تأخر هطول الأمطار في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 عطّل موسم زراعة الحبوب الشتوية، كما شهدت البلاد موجة جفاف مبكرة بين تشرين الثاني وكانون الثاني، أدت إلى انخفاض كبير في المساحات المزروعة وتراجع متوقع في إنتاج الحبوب لعام 2025.
وتتجلى ملامح هذه الأزمة ميدانيًا في المناطق الزراعية، كما يظهر في تقرير خاص نشره موقع “سوريا 24” بتاريخ 12 أيار/ مايو من محافظة الرقة، التي تُعد من أبرز السلال الزراعية في سوريا، فقد أشار التقرير إلى أن الجفاف تسبب بتلف شبه كامل للموسم البعلي، ما دفع عددًا من أصحاب الحصادات إلى تعليق أعمال الصيانة بسبب التكاليف الباهظة وتراجع العائد المتوقع.
وقال أحمد السعيد، أحد مالكي الحصادات، إن كلفة صيانة حصادته بلغت نحو ستة آلاف دولار، رغم إدراكه أن الموسم قد لا يغطي هذه النفقات.
وأوضح أن بعضهم اضطر إلى تعديل الحصادات لإنتاج التبن مباشرة، كوسيلة لتعويض الخسائر. كما طالب بزيادة مخصصات المحروقات المدعومة لتخفيف الأعباء المالية.
في المقابل، أكد حمد العلي، وهو صاحب حصادة قديمة، أنه قرر التوقف هذا الموسم نتيجة ضعف جدوى العمل، خصوصًا في ظل اعتماد المنطقة على الحقول البعلية التي تضررت بشكل شبه كامل هذا العام.
وتُعد الزراعة مصدر رزق رئيسي لنسبة كبيرة من سكان الرقة، إلا أن تكرار مواسم الجفاف، وغياب الدعم الفني والمالي، يجعل هذه المهنة على المحك، ويعزز المخاوف التي أثارتها المنظمات الدولية بشأن أمن سوريا الغذائي.