قالت صحيفة “الغارديان” البريطانية إن مشروعاً عقارياً غير مسبوق، يحمل اسم “برج ترمب دمشق”، يهدف إلى جذب أنظار واشنطن واستثمارات الخارج، رغم ما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية وعقوبات دولية.
وأضافت الصحيفة أن المشروع، الذي يُقترح بناؤه في قلب العاصمة السورية بارتفاع 45 طابقاً وتكلفة قد تصل إلى 200 مليون دولار، يأتي في محاولة لإحداث اختراق سياسي إلى جانب أهدافه الاستثمارية، من خلال تسمية البرج باسم الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وتغليفه بواجهة مطلية بالذهب.
وسيقوم بتنفيذ المشروع مجموعة “تايغر” الإماراتية، التي يرأسها رجل الأعمال السوري الإماراتي وليد محمد الزعبي، والذي قال للغارديان: “هذا المشروع هو رسالتنا بأن هذا البلد، الذي عانى وشعبه أُنهك لسنوات طويلة، يستحق أن يخطو خطوة نحو السلام”.
نموذج أولي في دمشق… وحقوق تجارية قيد الانتظار
يستعد الزعبي خلال الأيام المقبلة للتوجه إلى دمشق لتقديم طلب رسمي بالحصول على ترخيص بناء البرج، مؤكداً أن عدد الطوابق “قابل للتعديل حسب التخطيط”، وأن كلفة البناء الأولية تتراوح بين 100 إلى 200 مليون دولار.
لكن المشروع لا يزال بحاجة إلى موافقة منظمة ترمب لمنحه حقوق استخدام الاسم التجاري، وهو ما لم يحدث بعد، حيث لم تتضمن النماذج الأولية شعار “ترمب” بسبب عدم توقيع اتفاق الامتياز.
ويقدّر الزعبي أن يستغرق البناء نحو ثلاث سنوات بعد الحصول على الموافقات القانونية والامتياز الرسمي من مجموعة ترمب.
مغازلة سياسية بطابع عقاري
يُعرض المشروع كبادرة سياسية واقتصادية في آن واحد، في سياق جهود دبلوماسية متعددة المسارات، شملت تقديم تسهيلات للولايات المتحدة في قطاع الطاقة السوري، وضمانات أمنية لإسرائيل، ومحاولات جذب الاستثمار الخليجي، بإشراف مباشر من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بحسب تقارير غربية.
وفي تطور لافت، أعلن الرئيس ترمب الأسبوع الماضي عن رفع كافة العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا منذ عام 1979، واصفاً الرئيس الشراع بـ”القوي” و”الجذاب”، في إعلان مثّل تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية تجاه دمشق، وفتح الباب أمام مشروع البرج ليخرج من طور الفكرة إلى أرض الواقع.
صراع الرموز: من أنقاض الحرب إلى بريق الذهب
رغم الرمزية الطموحة التي يطرحها المشروع، فإن الواقع السوري يقدم صورة أكثر تعقيداً، إذ يعيش أكثر من 90% من السكان تحت خط الفقر، وفق تقديرات الأمم المتحدة، ويعانون من نقص حاد في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والرعاية الصحية.
وقد أثار المشروع انقساماً حتى بين داعمي الحكومة الجديدة، بين من يراه محاولة جريئة لجذب الانتباه والاستثمارات، ومن يراه خطوة “فوقية” تنفصل عن واقع الناس اليومي.
في هذا السياق، شارك الزعبي صورة رمزية لدمشق، تقارن بين مشهد انفجار وآخر لناطحة سحاب من الزجاج والفولاذ، قائلاً: “المشروع يرمز إلى كيف أن البلد الذي دمرته الحرب يتحول إلى مكان للضوء والجمال… إنه رمز يساهم في الأمن والسلام”.
الدبلوماسية عبر ناطحة سحاب
تعود جذور الفكرة إلى خطاب ألقاه النائب الجمهوري جو ويلسون أمام الكونغرس في ديسمبر، ما دفع الكاتب السوري المقرب من الرئيس الشراع، رضوان زيادة، إلى اقتراح المشروع على الزعبي. ومنذ ذلك الحين، عملا سوياً على وضع المخطط وتنظيم اللقاءات السياسية اللازمة لدفعه قدماً.
وكان الوزير السوري أسعد الشباني قد اطلع على النموذج الأولي للبرج خلال لقائه بزيادة في نيويورك، وأبدى “حماساً كبيراً”، فيما عُرض النموذج أيضاً على السفير السعودي في دمشق في محاولة لإيصاله إلى فريق ترمب عبر الرياض. قال: “هكذا تكسب عقله وقلبه”، في إشارة إلى الرئيس الأمريكي.
وكان ترمب قد نشر في شهر شباط/فبراير مقطعاً ترويجياً يُظهر “برج ترمب غزة” ضمن خطة مثيرة للجدل لإعادة إعمار القطاع، الأمر الذي أعطى زيادة وزعبي شعوراً بأن مشروع دمشق قد يجد صدىً في الد