حاكم البنك المركزي يُحدد أولويات سياسته النقدية

Facebook
WhatsApp
Telegram

SY24 -متابعات

رأى حاكم مصرف سوريا المركزي، عبد القادر حصرية، أن التطورات السياسية الأخيرة — وعلى رأسها سقوط النظام السابق في ديسمبر الماضي، وإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رفع العقوبات عن سوريا، إلى جانب التوجه الأوروبي المماثل — تمثل “فرصة نادرة” لإعادة بناء الاقتصاد السوري من تحت الركام.

وأكد في مقالة رأي في نشرها موقع “المجلة” أن “رفع العقوبات لا يغيّر فقط قواعد اللعبة، بل يفتح الباب أمام إعادة ربط سوريا بالنظام المالي العالمي، واستعادة الثقة الدولية”.

البنك المركزي… من الدفاع إلى التحفيز

وفي تقييمه لدور المصرف المركزي، أوضح حصرية أن العقوبات الغربية السابقة “قيدت حتى الوظائف الأساسية للمصرف المركزي، مثل إدارة العملة، والاستقرار النقدي، وتمويل الواردات”.

وأضاف أن هذه العقوبات “لم تنتهِ بسقوط النظام، بل لا تزال تعيق أي مسعى جاد لبناء مؤسسات اقتصادية فعالة.”

لكنه يرى أن المرحلة الجديدة تتطلب تحولًا جوهريًا في وظيفة المصرف، ليصبح محفزًا للنمو لا مجرد أداة دفاعية.

أولوية أولى: تحديث السياسة النقدية

وأشار حاكم المصرف إلى أن أولى خطوات الإصلاح تكمن في تبني نظام “استهداف التضخم”، بما يضمن استقلالية المصرف وشفافية إدارته للسيولة وفق المعايير الدولية.

وأوضح أن “استقرار سعر الصرف لم يعد رفاهية، بل ضرورة اقتصادية”، مشددًا على أن تقلباته “تقوّض ثقة المستثمر وتضعف فعالية السياسات الاقتصادية.”

أولوية ثانية: إعادة هيكلة النظام المالي

ورأى حصرية أن المصارف السورية يجب أن تتجاوز دورها التقليدي كمجرد حافظة للودائع، لتصبح “محركات فعلية للإقراض والاستثمار”، مع ضرورة إعادة هيكلة شاملة تشمل رفع كفاءة رأس المال، تحسين الحوكمة، وتوجيه التمويل نحو مشاريع إنتاجية.

وكشف عن اهتمام مبدئي من بنوك سعودية، تركية، وإماراتية بالدخول إلى السوق السوري فور رفع العقوبات فعليًا، ما يدل على وجود “شهية حقيقية للانخراط المالي الإقليمي.”

أولوية ثالثة: الاندماج المالي العالمي

وبين أن الموارد المحلية وحدها “لن تكفي لإعادة الإعمار”، داعيًا إلى فتح الباب أمام التدفقات الرأسمالية الخارجية، سواء من القطاع العام أو الخاص.

وقال: “نعمل على تهيئة بيئة استثمارية شفافة، تحمي المستثمر، وتكافح غسل الأموال بصرامة، وتستوعب دور السوريين في المهجر”.

وأضاف أن “هدفنا ليس فقط تحسين الأداء المحلي، بل تمكين النظام المصرفي السوري من الاندماج الآمن في النظام المالي العالمي.”

نحو شراكات قائمة على المصالح المتبادلة

وفي ختام مقاله، شدد حاكم المصرف على أن سوريا “لا تطلب تبرعات ولا مساعدات مشروطة، بل شراكات تحقق المصالح المتبادلة”، موضحًا أن “استقرار سوريا لا يصب فقط في مصلحة السوريين، بل في مصلحة الأمن المالي الإقليمي والدولي”.

وأكد ترحيبه بأي تعاون مع المؤسسات الدولية، مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، “ليس فقط للحصول على تمويل، بل للاستفادة من الخبرات وتطوير القدرات المؤسسية.”

مسؤولية المصرف المركزي… ورهان التعافي

وختم حصرية مقاله بالقول إن “انتهاء الحرب لا يعني بداية التعافي، بل هذه البداية تحتاج إلى مؤسسات شفافة وقادرة على التخطيط للمستقبل”.

وأضاف: “مصرف سوريا المركزي يحمل عبئًا مزدوجًا: كبح جماح التدهور، وتوجيه البوصلة نحو اقتصاد مستقر ومنفتح”.

واعتبر أن رفع العقوبات خطوة أولى، لكن النجاح الحقيقي سيتوقف على “قدرتنا، كسوريين وشركاء دوليين، على تحويل هذه الفرصة إلى انطلاقة فعلية نحو مستقبل أفضل”.

مقالات ذات صلة