أعلنت الأمانة العامة لمحافظة حماة عن إطلاق عملية استثنائية لاستقبال الشكاوى والطلبات المتعلقة بـ”العقارات المستولى عليها عرفياً أو المصادرة بموجب قرارات صادرة عن محكمة الإرهاب”، وذلك في خطوة تُعد الأولى من نوعها منذ سقوط النظام السابق.
وتهدف هذه الخطوة إلى تصحيح مظالم امتدت لعقود، وإعادة الحقوق لأصحابها بعد سنوات من الانتهاكات الجسيمة التي طالت الملكية الخاصة.
وأصدر المحافظ عبد الرحمن السبهان، رئيس المكتب التنفيذي، تعميمًا رسميًا يحدد الإجراءات والمستندات المطلوبة لتقديم هذه الشكاوى، ويضع إطارًا زمنيًا للمهلة المسموح بها، والتي تم تحديدها بـ 30 يومًا من تاريخ التعميم.
تفاصيل التعميم الرسمي
في بيان رسمي نشرته الأمانة العامة لمحافظة حماة، أوضحت أن الخطوة تأتي “حرصاً على حماية حقوق المواطنين، والحفاظ على الممتلكات الخاصة”، وأكدت أن البدء باستقبال الطلبات سيشمل فئتين رئيسيتين من العقارات:
– العقارات المستولى عليها عرفياً من قبل النظام السابق، سواء كانت مسجلة أو غير مسجلة باسم الجمهورية العربية السورية.
– العقارات المصادرة بموجب قرارات صادرة عن محكمة الإرهاب أو ما يشابهها، والمسجلة باسم الدولة.
ويحق تقديم الشكوى للملك نفسه أو وكيله القانوني أو أحد الورثة الشرعيين، شريطة تقديم الأوراق الثبوتية التالية:
– صورة عن البطاقة الشخصية لمقدم الطلب.
– بيان قيد عقاري حديث لا يقل عن ثلاثة أيام من تاريخ الحصول عليه من الجهة المختصة، متضمناً كافة المالكين والإشارات الموضوعة على العقار.
– حصر إرث مصدق أصولاً في حال كان مقدم الطلب أحد الورثة.
– كتاب تفويض من جميع المالكين أو الورثة في حال تعدد أصحاب العلاقة، لتحديد من يمثلهم في الإجراءات.
وتتم استقبال الطلبات في مبنى محافظة حماة خلال ساعات الدوام الرسمي، حيث سيتم تسجيل كل طلب بشكل نظامي ومنحه رقمًا خاصًا، كما يتم توثيقه في ديوان المحافظة وحفظ بياناته في جدول إلكتروني دقيق.
إجراءات دقيقة ومتابعة مركزية
وأكد براء عاشور، رئيس الأمانة العامة لمحافظة حماة في حديث لمنصة سوريا ٢٤، على أن المحافظة شكلت لجنة مختصة بقرار من المحافظ عبد الرحمن السبهان، مهمتها استقبال الطلبات وتدقيقها بدقة وفق الشروط المنصوص عليها في التعميم.
وقال عاشور: “بعد استكمال مرحلة استقبال وتدقيق الطلبات، سيتم تنظيم جدول شامل يتضمن جميع الثبوتيات وأرقام العقارات مع أسماء أصحابها وتاريخ المصادرة أو الاستيلاء، ليتم رفعه إلى رئيس الجمهورية لاتخاذ الإجراءات المناسبة لتحقيق العدالة ورد الحقوق لأصحابها”.
وعن ضمان دقة المعلومات الواردة في بيانات القيد العقاري، أوضح عاشور أنه تم التنسيق مع مديرية المصالح العقارية في حماة لتوفير “بيان قيد عقاري حديث” خلال مدة لا تتجاوز 24 ساعة، وأنه يُعتبر “حديثًا” إذا لم يمضِ على استخراجه أكثر من عدة أيام، وذلك لضمان تحديث البيانات ودقتها.
وأضاف أن اللجنة ستتعامل مع الحالات الصعبة بشكل خاص، مشيراً إلى أنه يمكن للمواطنين التواصل مباشرة مع اللجنة في حال واجهتهم صعوبات استثنائية، على أن يتم تسهيل الإجراءات لهم بما يتوافق مع القانون.
الجدول الزمني ومعالجة الطلبات
وعن الآلية التي سيتم اتباعها في حال تزايد عدد الطلبات، أكد عاشور أن اللجنة وضعت خطة عمل واضحة تتضمن استقبال نحو 60 طلبًا يوميًا، مع إمكانية تعزيز الكادر البشري في حال الازدحام.
وقال: “إذا تبين أن المهلة المحددة وهي 30 يومًا غير كافية، سيتم النظر في تمديد المهلة من قبل المحافظ، وبما يراعي مصلحة المواطنين وحقوقهم”.
وبحسب الإحصائيات الأولية التي قدّمها عاشور، فإن عدد العقارات التي تم الاستيلاء عليها أو مصادرتها باسم “الجمهورية العربية السورية” بلغ أكثر من 300 عقار، تحت مسمى “قانون الإرهاب” أو بموجب أحكام عرفية صادرة عن النظام السابق.
وأكد أن هذا الرقم قد يرتفع مع استمرار استقبال الطلبات وتدقيقها، مشيرًا إلى أن العمل جارٍ على توثيق كل حالة بشكل دقيق.
وفي السياق، رحبت الناشطة الحقوقية رزان المالح، من سكان مدينة حماة، بهذه الخطوة، واعتبرت في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن هذه الخطوة “من أفضل القرارات التي صدرت في الوقت الحالي”، مؤكدة أنها تمثل “رجوعًا لحقوق الناس وإعادة لعدالتهم التي افتقدوها لسنوات طويلة”.
وقالت المالح: “رد الحقوق المسلوبة والأملاك المغتصبة لأصحابها هو أقل ما يمكن تقديمه، وهو أساس العدالة، ولا يجوز فيه التعدي أو التفريط. نأمل من حكومتنا الحكيمة العمل على إعادة كافة الحقوق لأصحابها، ومحاسبة من تسببوا في طمس العدالة ونكران حقوق الناس”.
بدورها، أعربت المحامية سوزان يوسف، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، عن تأييدها الكامل للإجراء، مشددة على أن “المصادرات التي تمت بطريقة تعسفية، والتي لا تستند إلى أي أسس قانونية أو دستورية، يجب أن تعود لأهلها بأسرع وقت ممكن”.
تُعد هذه المبادرة خطوة هامة في طريق استعادة العدالة وبناء الثقة بين المواطن والدولة، خاصة بعد سنوات من الانتهاكات التي طالت الخصوصية وحق الملكية.
وترقب الجهات المعنية في حماة انطلاق العملية بشكل كامل، فيما تستمر اللجنة بتلقي الطلبات ضمن الإطار الزمني المحدد، في ظل تفاعل واسع من المواطنين الذين يأملون بإعادة حقوقهم بعد سنوات من الانتظار.