أعلنت واشنطن تعليقاً مؤقتاً لقانون قيصر لمدة ستة أشهر، بالتزامن مع إصدار وزارة الخزانة الأمريكية ترخيصاً عاماً يخفف العقوبات عن مؤسسات سورية حكومية. وتأتي هذه الخطوة في إطار دعم التحول السياسي والاقتصادي في سوريا بعد سقوط النظام السابق.
حيث أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية يوم الجمعة 23 مايو 2025 عن إصدار الترخيص العام رقم 25، الذي يخفف من بعض العقوبات المفروضة على سوريا منذ أكثر من عقد. يأتي القرار في إطار دعم الحكومة السورية التي تشكلت بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، ويهدف إلى تسهيل عمليات إعادة الإعمار وتحفيز الاقتصاد.
وفي تعليق رسمي، قال وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو: “بالإضافة إلى قرار وزارة الخزانة الأمريكية بإصدار الترخيص العام لسوريا (GL) رقم 25، الذي جاء لتخفيف العقوبات عن سوريا، والذي يعني فعلياً رفعها، أصدرتُ إعفاءً لمدة 180 يوماً من عقوبات قانون قيصر لضمان عدم إعاقة العقوبات لقدرة شركائنا على القيام باستثمارات تدعم الاستقرار، وتدفع جهود التعافي وإعادة الإعمار في سوريا.”
ويأتي هذا الترخيص في سياق أوسع يهدف إلى تخفيف القيود الاقتصادية، حيث يسمح بإجراء معاملات مالية وتجارية مع عدد من المؤسسات الحيوية في سوريا، من بينها المصرف المركزي السوري، المصرف التجاري، شركة النفط السورية، مصفاتي حمص وبانياس، ووزارتا النفط والسياحة. كما يشمل الترخيص السماح بإجراء تعاملات مع شخصيات بارزة مثل الرئيس السوري الحالي أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب، كما يتيح الترخيص تحويل الأموال الشخصية إلى سوريا، مما قد يساهم في تحسين الوضع الإنساني والاقتصادي.
ومع ذلك، يظل الترخيص مشروطاً، إذ يفرض قيوداً صارمة على التعامل مع جهات محددة مرتبطة بالنظام السابق أو حلفائه الإقليميين والدوليين، بما في ذلك روسيا، إيران، وكوريا الشمالية، إضافة إلى الأفراد المتورطين في جرائم حرب أو تجارة المخدرات. ويُمنح هذا الإعفاء لمدة 180 يوماً قابلة للتجديد، مع إخضاعه لمراجعة دورية لضمان الالتزام بالأهداف السياسية والإنسانية المعلنة.
ويُعد هذا التحول في النهج الأمريكي خطوة غير مسبوقة منذ سنوات، خاصة في ظل الحصار الاقتصادي المشدد الذي فُرض بعد اندلاع الثورة السورية عام 2011. وشهدت العقوبات تصعيداً غير مسبوق مع صدور “قانون قيصر” عام 2019، الذي استهدف النظام وحلفاءه بصرامة، وشل حركة الإعمار والتمويل في البلاد.
وسبق أن أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، خلال زيارته إلى المملكة العربية السعودية في مارس 2025، عن رفع العقوبات عن سوريا، مؤكداً دعم الولايات المتحدة لعملية التحول السياسي والاقتصادي الجارية في البلاد.
ومن شأن هذه الخطوة أن تفتح الباب أمام فرص اقتصادية جديدة، لا سيما في قطاعات حيوية كالبنية التحتية والطاقة، مع الحفاظ على المبادئ الأساسية للعدالة والانتقال السياسي. كما يُنظر إلى القرار الأمريكي كإشارة واضحة إلى دعم عملية التحول السياسي في سوريا، دون التخلي عن أدوات المساءلة والمحاسبة اللازمة لضمان عدم الإفلات من العقاب.