تداعيات استقالة المحافظ:هل تفقد السويداء عامل الاستقرار؟

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - SY24

تصدرت استقالة محافظ السويداء، الدكتور مصطفى البكور، عناوين الأخبار في سوريا، بعد تقديمه طلب الاستقالة إلى رئاسة الجمهورية العربية السورية، على خلفية حادثة أمنية أثارت جدلاً واسعًا في المحافظة.

وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من تعرضه لاعتداء من مجموعة مسلحة اقتحمت مكتبه، مطالبة بالإفراج عن موقوفين، مما أثار موجة من ردود الفعل المتباينة بين تأييد وتعاطف مع المحافظ، وتخوف من تداعيات القرار على استقرار المنطقة.

تفاصيل الحادثة

وفقًا لشبكة “السويداء 24”، اقتحمت مجموعة مسلحة من أقارب موقوفين مكتب المحافظ مصطفى البكور، يوم الأربعاء الماضي، مطالبة بالإفراج عن اثنين من الموقوفين، راغب قرقوط وضياء برجاس، المتهمين بقضية تتعلق بسرقة سيارة.

وأشارت المصادر إلى أن أحد الأفراد أشهر السلاح في وجه المحافظ والموظفين، لكن البكور تعامل مع الموقف بهدوء، وطلب من عناصر الحراسة عدم التصادم مع المجموعة، وسمح لهم بدخول مكتبه.

“المحافظ تواصل مع النائب العام في دمشق وطلب منه الإفراج عن الموقوفين”، وفق ما نقلته شبكة “السويداء 24”.

ونفت مصادر المحافظة تعرض البكور للاحتجاز بالقوة أو سلب مقتنياته، مؤكدة أنه غادر إلى دمشق بعد الحادثة.

ووصل الموقوفان إلى السويداء لاحقًا، لكن الحادثة أثارت استياءً واسعًا بين الأوساط المحلية، خاصة مع تكرار التجاوزات الأمنية، بما في ذلك اقتحام سابق لفرع الأمن الجنائي لاستعادة سيارة محجوزة.

أسباب الاستقالة

وأكد مصدر مقرّب من المحافظ في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن البكور قدّم استقالته رسميًا، نافياً أن تكون الحادثة الأمنية السبب المباشر. وأوضح المصدر: “السبب الحقيقي للاستقالة يعود إلى شعوره بالتعب وعدم القدرة على تحمّل ضغوط العمل في المحافظة، في ظل الظروف الصعبة التي تمرّ بها”.

ومع ذلك، أشار مصدر خاص لمنصة سوريا إلى أن الرئيس أحمد الشرع قد لا يوافق على الاستقالة، مما يفتح الباب أمام احتمال عودة البكور إلى منصبه، بناءً على ضغوط مجتمعية وتدخلات وجهاء المحافظة.

ردود فعل محلية

أثارت الاستقالة ردود فعل متباينة في السويداء، وأصدر المكتب التنفيذي لمحافظة السويداء بيان إدانة للحادثة، جاء فيه:
“نحن أعضاء المكتب التنفيذي في السويداء، ندين وبشدّة التصرف غير المسؤول داخل مبنى المحافظة، من قِبَل بعض المسلحين، للضغط على السيد المحافظ بما لا يتوافق مع عادات وأعراف أهل السويداء، والمخالف للقوانين الناظمة، ونطالب كل الجهات المسؤولة بأخذ دورها في تفعيل الضابطة العدلية والشرطة، ونهيب بالزعامات الدينية والاجتماعية وقوى المجتمع المدني للتعاضد في مواجهة العابثين بأمن المحافظة وأمانها، ونقدّر الموقف النبيل للدكتور مصطفى البكور باحتواء الموقف بعقلانيته المعهودة”.

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي جمال الشوفي في حديث لمنصة سوريا ٢٤:
“استقالة الدكتور مصطفى بكور تُعد خسارة كبيرة للسويداء، فقد كان شخصًا ذا احترام كبير، عمل خلال فترة توليه منصبه بكل تفانٍ وأمانة، حتى أصبح جزءًا من قلب أبناء السويداء أنفسهم، تعامل معهم بالأخلاق الكريمة، وكان قادرًا على التفاعل مع جميع القضايا والمشاكل، وقدم كل ما يستطيع ضمن المعطيات الموجودة في المرحلة السورية الراهنة”.

وأضاف:

“يمكن قراءة استقالة الدكتور مصطفى من وجهين: الوجه الأول هو الجانب الشخصي المرتبط بشخصه الكريم. فمن حق أي إنسان، عندما يشعر بأنه قد تعرّض للإهانة أو التهديد، أن يطلب نقله أو الاستقالة، وهذا حق طبيعي. أما الوجه الثاني، فهو الجانب العام المتعلّق بالوضع في السويداء، والذي شهد خلال الفترة الماضية حالة من القلق وعدم الاستقرار، خاصة بعد الأحداث التي بدأت في بداية شهر أيار/مايو الماضي”.

بدوره، علّق الأكاديمي الدكتور فايز القنطار قائلًا:

“الخبر غير سار، ونتمنى أن يعود المحافظ عن قراره، ما حصل للمحافظ أثار غضبًا واسعًا في السويداء، وهناك تعاطف غير مسبوق معه”.

وأضاف في حديث لمنصة سوريا ٢٤:

“عودنا المحافظ على رحابة صدره وصبره وقدراته الاستثنائية على احتواء الجميع، وله الكثير من المواقف، وأعتقد أن الكثيرين سيفتقدونه، ونأمل التراجع عن القرار، فالجميع أدان ما تعرض له المحافظ”.
وأشار إلى أنه “تم انتخاب لجنة واسعة تمثل العديد من التيارات السياسية والنقابية في المحافظة، وأعلنت استعدادها للتعاون مع الحكومة السورية، ولكن الخبر مؤسف ونتمنى أن يتراجع عن هذا القرار، فالسويداء بانتظاره”.

من جانبه، قال الناشط السياسي مروان حمزة من داخل السويداء: “محافظ السويداء معه حق، لأن ما حصل معه ليس بالأمر القليل، وله الحق في أي خيار يجده مناسباً، ولكن نتمنى أن يكون البديل عنه بالمواصفات ذاتها”.

ولفت في حديثه لمنصة سوريا ٢٤ إلى أنه: “لا توجد تداعيات مهمة في الأمر.

الشارع الشعبي في المحافظة استاء كثيراً مما حصل للسيد المحافظ، ومن المؤكد أنه سيكون هناك تذمر من أي قرار يخص المحافظ مصطفى بكور”.

تداعيات الاستقالة

تثير استقالة البكور تساؤلات حول تداعياتها على الوضع الأمني والسياسي في السويداء، التي تشهد توترات متكررة نتيجة الانقسامات الفصائلية والتحديات الأمنية.

وأشار جمال الشوفي إلى أن: “هناك مجموعة خارجة عن القانون لا تستجيب لأي دعوات للانضباط أو الالتزام بالقانون، وهناك أيضاً استمرار في ملف التداعيات الأمنية، مثل الاعتداءات المتكررة على المحافظة، والتي لم تجد حلولاً مناسبة من الحكومة حتى الآن”.

وأضاف: “ظهرت بشكل واضح قضية الطلاب، وحدثت اعتداءات متكررة على السويداء ذات طبيعة غير معروفة المصدر حتى اليوم، مما زاد من الطبيعة الطائفية العامة للوضع السياسي، وأدى إلى تفاقم حالة القلق السياسي والأمني في المنطقة”.

من جهة أخرى، أشارت شبكة “السويداء 24” إلى تحركات محلية لدعم الضابطة العدلية، حيث انتشرت فصائل مثل “حركة رجال الكرامة” و”لواء الجبل” بشكل كثيف في المدينة لدعم الشرطة وردع التجاوزات.

توقعات المستقبل

ويتوقع الشوفي أن “يتم تعيين محافظ جديد بدلاً من المحافظ الحالي”، مضيفاً: “أتوقع أن تستمر السلطة السورية في التعامل مع ملفات السويداء القائمة وفق أسس الحوار الواضح والمتوازن، خاصة بعد أن بدأت العديد من الفصائل المحلية الثورية، ومن خلال مرجعيات مشايخ العقل، بدعم الضبط العدلي والشرطة في تطبيق القانون ومعاقبة المسيئين، دون اللجوء إلى التعميم الجزافي الذي انتشر في الفترة الأخيرة”.

في المقابل، أعرب الدكتور فايز القنطار عن أمله في أن يتراجع البكور عن قراره، مشيراً إلى أن “السويداء بانتظاره”، فيما قلل مروان حمزة من التداعيات المحتملة، مؤكداً أن الشارع الشعبي يدعم المحافظ ويستاء من أي قرار يؤثر في استمراريته.

ووسط كل ذلك، فإن استقالة مصطفى البكور تضع السويداء أمام مفترق طرق، بين تعزيز الأمن والاستقرار أو تفاقم التوترات، في حين أن التعاطف الشعبي والدعم المحلي قد يدفعان إلى إعادة النظر في القرار، فيما يبقى مصير الاستقالة معلقاً بانتظار قرار الرئاسة.

مقالات ذات صلة