في مدينة دير الزور، التي لا تزال تحمل ندوب الدمار الكبير جرّاء سنوات الحرب، تتفاقم أزمة إنسانية واجتماعية جديدة تتمثّل في شُحّ المنازل الصالحة للسكن.
إبرة في كومة قش
وبات البحث عن منزل للإيجار في هذه المدينة المكلومة كالبحث عن “إبرة في كومة قش”، ما يضيف عبئًا ثقيلًا على كاهل الآلاف من الأهالي العائدين إلى ديارهم، حسب مراسل منصة سوريا ٢٤ في المنطقة.
معتز الشعيب، صاحب مكتب عقاري في المدينة، يُلخّص الوضع قائلًا في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “الأهالي يشكون بشدة من ندرة بيوت الإيجار، وذلك بسبب الضغط الهائل والحاجة الملحّة للمساكن بعد عودة آلاف المهجّرين إلى المدينة عقب التحرير”.
استغلال لأصحاب الحاجة
ويُضيف الشعيب أن قلّة البيوت الصالحة للسكن بسبب الدمار الذي تعرّضت له المدينة بنسبة تتجاوز 85%، قد أدّت إلى “ضغط غير مسبوق في المحافظة فيما يتعلّق بالبيوت والإيجارات”.
“الأمر الأكثر إيلامًا”، حسب الشعيب، هو استغلال بعض أصحاب العقارات للوضع برفع الأسعار بشكل جنوني: “المنزل الذي كان يُؤجَّر بـ 500 ألف ليرة سورية، أصبح إيجاره الآن مليون ليرة سورية”، مؤكّدًا على ضرورة أن “يُحكّم أصحاب العقارات ضمائرهم في هذا الموضوع”.
البحث عن منزل تحوّل إلى كابوس
الصورة لا تختلف كثيرًا بالنسبة للمعلمة خولة الركاض، التي تروي قصتها الشخصية في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “أنا حاليًا أسكن مع ابني في شقة إيجار بحي الجبيلة منذ حوالي أربعة أشهر، والآن يطالبني صاحب المنزل بإخلائه خلال 15 يومًا”.
البحث عن منزل بديل تحوّل إلى كابوس بالنسبة لها: “وجدت منازل أخرى للإيجار، لكن الأسعار كانت مرتفعة جدًا، تبدأ من مليون ليرة سورية وتستمر في الارتفاع”.
وتُناشد الركاض الجهات المسؤولة “بوضع رقابة على مسألة إيجارات المنازل”، مشدّدة على أن المسألة “هي في النهاية مسألة ضمير يجب تحكيمه من قبل أصحاب المنازل”.
تحذير من تفاقم الأزمة
وتُحذّر الركاض من تفاقم وشيك للأزمة، خاصة مع اقتراب موسم الامتحانات: “المحافظة مقبلة على امتحانات، والكل يعلم أن طلاب الرقة والحسكة سوف يأتون إلى دير الزور، وهذا سيُحدِث أزمة حقيقية في المدينة”.
وتختتم حديثها بوصف واقع الحال في دير الزور قائلةً: “دير الزور مدينة منكوبة، مدينة مدمّرة بنسبة 85%، ونتمنى من الله أن تكون إعادة الإعمار قريبة”.
ووسط كل ذلك، يترقّب أهالي مدينة دير الزور أي بصيص أمل لإعادة الإعمار الذي طال انتظاره، فيما لا تلوح في الأفق حلول جذرية تنهي معاناتهم في ظل هذه الأزمة السكنية الخانقة، حسب ما نقل مراسل منصة سوريا ٢٤ عن عدد من الأهالي.