أطلقت الجهات المختصة في محافظة حمص، بالتعاون مع منظمات دولية ومحلية، أعمال صيانة شاملة لجسر “الرستن” التاريخي الواقع شمالي المدينة.
يأتي ذلك ضمن خطة تهدف إلى استعادة هذا الممر الحيوي لدوره كشريان اقتصادي ونقل استراتيجي، يربط بين شمال وجنوب سوريا.
ومن المتوقع أن تنتهي أعمال الصيانة بحلول نهاية العام 2025، حسب الجدول الزمني الذي أعلنته منظمة “تكافل الشام”، بالتنسيق مع وزارة الإسكان والأشغال العامة، والجهة المنفذة “الشركة الفنية للأعمال الهندسية”.
خطورة الوضع قبل الصيانة
وقبل بدء أعمال الترميم، كان استخدام الجسر محفوفاً بالمخاطر؛ إذ أدى التصدع في هيكله إلى منع مرور السيارات الثقيلة عليه، بينما اضطرت المركبات الخفيفة إلى المرور عبر طريق مخصص للسد المجاور، وهو ما اعتبره السكان خطراً كبيراً على السلامة العامة.
وأشار عمار أبو سليمان، من سكان ريف حمص الشمالي في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن تضرر الجسر زاد من معاناة السائقين والمدنيين: “المسافة الطويلة التي يضطر السائقون لقطعها نتيجة إغلاق الجسر أدت إلى ارتفاع تكاليف النقل والبضائع بشكل كبير”.
وتابع: “كما أن المرور فوق جسم السد أمرٌ غير آمن إطلاقاً، خاصة مع مرور الشاحنات الثقيلة منه”.
وأضاف أن السيارات الصغيرة كانت تسلك طريق السد بين الرستن وحمص، بينما تحولت الشاحنات إلى طرق بديلة مثل طريق سلمية، ما زاد من زمن النقل وتكاليفه، وفق توضيحه.
تفاصيل المشروع وتمويله
يقود تنفيذ مشروع الصيانة شركة محلية متخصصة، وهي “الشركة الفنية للأعمال الهندسية”، حسب ما ذكر منسق قطاع المأوى والإصحاح المهندس عبد الكريم قيسون، من منظمة “تكافل الشام”.
وأوضح قيسون وهو أحد القائمين على أعمال الصيانة، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن التمويل، فهو من منظمة الأمم المتحدة الإنمائية (UNDP) بالتعاون مع منظمة الدفاع المدني السوري المعروفة بـ”الخوذ البيضاء”.
ولفت، إلى أن أعمال الصيانة تشمل تقوية البنية التحتية للجسر، وإصلاح التشققات والتهالك في الهيكل الإنشائي، وتعزيز الأعمدة الداعمة له، بالإضافة إلى تركيب أنظمة إنارة جديدة وإعادة تأهيل الأرضيات لتكون صالحة لعبور جميع أنواع المركبات دون خطر.
إغلاق مؤقت سابقاً بسبب الخطر
وفي بداية العام الجاري، أعلنت محافظة حمص عن إغلاق الطرق المؤدية إلى الجسر بشكل مؤقت، نظراً لخطورة عبور المركبات عليه بعد الغارات الجوية التي ألحقت أضراراً كبيرة ببنائه، وجعلته غير قادر على تحمل وزن الشاحنات الثقيلة أو حتى المركبات الخفيفة.
آمال بتحقيق انفراج اقتصادي
يعوّل السكان والتجار كثيراً على إعادة تأهيل الجسر، باعتباره سيخفف من العبء المعيشي والاقتصادي على المواطنين، ويُعيد تفعيل حركة التجارة والسفر بين المناطق السورية، في ظل الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد منذ سنوات.
وقد تكون هذه الخطوة واحدة من عدة مشاريع ترميمية ضرورية لإعادة بناء البنية التحتية المنهارة، وفتح طرق آمنة تسهم في ربط المناطق السورية بعضها ببعض، وتسهيل حياة الناس اليومية.
أهمية استراتيجية وجغرافية
يُعد جسر الرستن أحد أهم المعابر البرية في وسط سوريا، ويقع على الطريق الدولي M5 الذي يربط العاصمة دمشق بمدينة حلب، مما يجعله محوراً لحركة النقل التجاري والبشري بين المحافظات الشمالية والجنوبية.
وقد تعرض الجسر لأضرار جسيمة خلال المعارك التي شهدتها المنطقة في معركة “ردع العدوان”، حيث تم استهدافه بغارات جوية متكررة من قبل القوات الروسية وقوات النظام السابق، بهدف قطع خطوط الإمداد عن فصائل المعارضة السورية.