أزمة المياه في حمص: بين نقص الموارد وانتظار الحلول

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

تشهد مدينة حمص، منذ فترة، تفاقماً واضحاً في أزمة انقطاع المياه، مما أدى إلى شكاوى متزايدة من المواطنين
في عدد من الأحياء والمناطق، خاصة مع عودة بعض النازحين الذين يواجهون صعوبات كبيرة في توفير احتياجاتهم الأساسية
من المياه.
وتُظهر الصورة الكاملة للأزمة أن المشكلة ليست فقط في ضعف التغذية أو طول ساعات القطع، بل أيضاً في غياب حلول جذرية وشاملة تواكب الزيادة السكانية الكبيرة، وانحسار الموارد المائية الطبيعية.

حجم المشكلة وساعات القطع

في ظل استمرار انقطاع المياه لساعات طويلة تصل في بعض الأيام إلى أكثر من 16 ساعة، أصبح الحصول على هذه المادة الحيوية تحدياً يومياً للعديد من العائلات.

ووفقاً للتوزيع اليومي الذي أعلنته مديرية مياه حمص، فإن عدد من الأحياء مثل “جب الجندلي”، “الزهراء”، “العدوية”، و”المهاجرين” وغيرها، تتلقى المياه بفترات قصيرة لا تتجاوز 4-5 ساعات يومياً، وأحياناً أقل، ما يجعل من المستحيل تعبئة الخزانات المنزلية، خاصة تلك التي تعتمد على الضغط الطبيعي أو وجود الكهرباء لرفع المياه.

وبحسب سكان الأحياء المتضررة، فإن انخفاض الضغط المائي يؤدي إلى عدم وصول المياه إلى الطوابق العليا، بينما تعاني الأسر ذات الدخل المحدود من عدم قدرتها على تركيب مضخات كهربائية أو شراء خزانات كبيرة لتخزين المياه.

أكثر من 100 ألف نسمة تعاني في دير بعلبة

ورغم مرور سنوات على تفاقم الأزمة، يبدو أن الاستجابة الرسمية لم تكن بالمستوى المطلوب.

ففي حي “دير بعلبة”، الذي يضم أكثر من 100 ألف نسمة، أكد أحمد فهد ديب، عضو لجنة الحي الخدمية في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن الأهالي راجعوا مجلس المحافظة ومديريات الخدمات عدة مرات، وتم تقديم وعود بإعادة تأهيل آبار غير مؤهلة، لكن التنفيذ لم يبدأ بعد.

وأشار إلى أن الانقطاع المستمر للمياه يعود إلى قلة المصادر المائية المتاحة، إضافة إلى الضغط الكبير من قبل السكان، حيث زادت الكثافة السكانية في المنطقة بشكل كبير بسبب عودة النازحين والمقيمين الجدد، ما زاد من استهلاك المياه دون موازنة في الإنتاج.

صعوبة في شراء الخزانات

مع استمرار انقطاع المياه، أصبحت الخزانات المنزلية عنصراً أساسياً في الحياة اليومية.

لكن العديد من العائلات، خاصة العائدة من النزوح، تجد صعوبة في شراء خزانات جديدة أو كبيرة الحجم، بسبب ارتفاع الأسعار وضعف القدرة المالية.

وأكد أياد الرحيل من سكان حي “جب الجندلي” في حديث لمنصة سوريا ٢٤، على أن غالبية السكان يعتمدون على خزانات قديمة أو صغيرة الحجم، مشيراً إلى أن سعر خزان سعة 20 برميل يصل إلى نحو 150 ألف ليرة سورية، في حين يحتاج البعض إلى خزانات أكبر سعة 5 براميل فأكثر، وهو ما يشكل عبئاً مالياً كبيراً على الفئات ذات الدخل المحدود.

ولفت إلى ضرورة تأهيل محطة “عين التنور” التي كانت مصدر تغذية أساسي لمدينة حمص، مشيرا إلى أنها تعاني من جفاف نتيجة نقص الأمطار وانخفاض مستوى المياه الجوفية، وهو ما أثر بشكل مباشر على كمية المياه المتاحة لتوزيعها على المدينة.

خمسة براميل بـ 50 ألف ليرة سورية في الريف

وفي الريف الشمالي لحمص، قال حازم زكور في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إن سعر صهريج مياه سعة 5 براميل يتراوح بين 40-50 ألف ليرة، وهو رقم لا يمكن تحمله من قبل معظم العائلات، خاصة في ظل انتشار الفقر وقلة فرص العمل.

وأضاف زكور أن “غياب الجمعيات والهيئات التي تقدم مساعدات فعلية، وعدم وجود جهة تتابع هذا الجانب، يزيد من معاناة السكان”، مشدداً على أن هناك حاجة ماسة لدعم حقيقي من قبل المنظمات الإنسانية أو الدولة نفسها، لتأمين خزانات مياه بأسعار مدعومة أو مجانية للأسر الأكثر احتياجاً.

أحياء تعاني وأخرى تغذيتها أفضل

رغم أن أزمة المياه تطال عموم المدينة، إلا أن بعض الأحياء تعاني أكثر من غيرها، إذ يشعر السكان بتفاقم الأزمة بسبب ضعف البنية التحتية وافتقارها للتطوير، في حين تتمتع بعض الأحياء الأخرى، خاصة القريبة من الآبار أو محطات الضخ، بتغذية أفضل نسبياً.

وبحسب زكور، فإن انتشار الخزانات الصغيرة هو أمر شائع في معظم أحياء حمص، لكن الحاجة إلى خزانات أكبر تبرز بشكل واضح في المناطق التي تعاني من انقطاع مستمر للمياه، أو في الأبنية ذات الطوابق العالية التي لا تصل إليها المياه حتى في حال توفرها في الشبكة.مبادرات مدنية وحلول مقترحة

في ظل غياب الحلول الحكومية الشاملة، بدأت بعض المبادرات المحلية في التحرك لتقديم حلول جزئية. وشملت هذه الجهود محاولات من لجان الأحياء لجمع التبرعات وشراء خزانات متوسطة الحجم لتوزيعها على العائلات الأكثر احتياجاً، لكن هذه الجهود تبقى محدودة وغير كافية أمام حجم الاحتياج.

أزمة تحتاج إلى معالجة عاجلة

أزمة المياه في حمص ليست مجرد انقطاع موسمي، بل هي تحدٍ شامل يمس حياة آلاف المواطنين، ويهدد استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي.

ومع تزايد أعداد العائدين من النزوح، وارتفاع معدلات الفقر، واستمرار تراجع الموارد المائية، فإن الوقت قد حان لوضع استراتيجية متكاملة لمعالجة هذه الأزمة، تشمل كل من الحكومة المحلية، والمنظمات الدولية، والمجتمع المدني.

مقالات ذات صلة