مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، بدأت العائلات في مدينة حمص بالتدرّج في الاستعدادات التقليدية لهذه المناسبة الدينية والاجتماعية المهمة.
لكنّ هذه الاستعدادات تأتي هذا العام في ظل ظروف اقتصادية صعبة، ما أثر بشكل واضح على حركة الأسواق ونفقات المواطنين.
هدوء نسبي في الأسواق
رغم بدء بعض المواطنين بشراء متطلبات العيد، فإن الحركة التجارية في أسواق المدينة لا تزال دون مستوى السنوات الماضية، خاصة من حيث شراء الملابس الجديدة والهدايا.
ويُلاحظ أن هناك نوعًا من الهدوء النسبي في الأسواق مقارنة بالأعياد السابقة، وفق ما أكده حسن الشيخ، أحد سكان المدينة، الذي لفت في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن “الاستعدادات لهذا العيد تبدو أكثر تقشفًا”.
وأضاف الشيخ: “فيما يتعلق بالحلويات، فإن الحركة طبيعية إلى حدٍ ما، حيث يقوم البعض بشراء الكميات اللازمة للاحتفال بالعيد، لكن فيما يخص ملابس العيد، فنلاحظ أن نسبة كبيرة من الناس لم تقم بشرائها حتى الآن، وذلك بسبب الظروف المادية الصعبة التي تمر بها معظم العائلات.”
وأوضح أن العديد من الأسر تعتمد على نفس الملابس التي اشتراها الأطفال في عيد الفطر، أو تقوم بتجديد بعض القطع البالية، كمحاولة لتوفير المال، مما يجعل حركة الشراء الخاصة بالملابس ضعيفة نسبيًا هذا العام.
حركة الشراء متفاوتة
من جانبه، أكد ماهر أبو طلال، أحد سكان مدينة حمص في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن “الناس بدأوا بالفعل في التجهيز لعيد الأضحى، سواء من خلال شراء الأضحية أو اقتناء حاجات العيد مثل الحلويات والملابس”.
وأشار إلى أن “حركة الأسواق في هذا الوقت من كل عام تكون نشطة، وتصبح الزحمة كبيرة جدًا بسبب الإقبال العالي من المواطنين على الشراء”.
لكن أبو طلال عاد ليشير إلى وجود صعوبات تواجه الكثيرين، خصوصًا فيما يتعلق بشراء بعض الحاجات الأساسية مثل الملابس الجديدة للأطفال، لافتاً إلى أن “أسعارها مرتفعة نسبيًا، مما يجعلها غير متاحة للجميع”.
أسعار السلع: لا انخفاض يُذكر
أما من ناحية الأسعار، فأكد المصدران أنه “لا يوجد انخفاض ملحوظ في أسعار المواد الأساسية مثل الملابس والحلويات وغيرها”، مع تسجيل بعض التخفيضات المحدودة على بعض السلع، لكنها ليست شاملة ولا تُعتبر انخفاضًا عامًا في مستوى الأسعار.
وأشار أبو طلال إلى أن “قيمة الليرة السورية ما زالت في تراجع مقابل الدولار، بينما لم تنعكس هذه التغيرات على أسعار السلع بطريقة منطقية”، مضيفًا: “لو قمنا بمقارنة الوضع الاقتصادي والأسعار الحالية بواقع العملة والدخل الفعلي للمواطنين، لكان من المتوقع أن تكون الأسعار أقل مما هي عليه الآن”.
وأوضح أن “الكثير من السلع يُفترض أن تكون بأسعار أكثر معقولية، خصوصًا بالنسبة لكثير من الأسر التي تواجه صعوبات مالية في ظل الظروف الاقتصادية الحالية”، مشيرًا إلى وجود نوعين من البضائع في السوق: “بضائع رخيصة نسبيًا وبجودة مقبولة، وفي المقابل، توجد بضائع أخرى انخفضت جودتها لتتناسب مع انخفاض أسعارها”.
دخل محدود أمام ارتفاع الأسعار
تشكل هذه الظروف تحديًا كبيرًا أمام الأسر السورية، التي تجد نفسها مضطرة للتقليل من الإنفاق على بنود كانت تُعد تقليدية في الاحتفال بعيد الأضحى، مثل شراء الأضاحي بحجم كبير، أو اقتناء ملابس جديدة، أو توزيع الحلوى على الجيران والأقارب.
في المقابل، تراجعت القدرة الشرائية للمواطن السوري بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، نتيجة انهيار قيمة العملة وارتفاع معدلات البطالة وتوقف مصادر الدخل التقليدية”، إذ تلجأ العائلات إلى خيارات بديلة مثل المشاركة في الأضاحي الجماعية أو تبادل الهدايا الرمزية، وفق ذات المصادر من سكان مدينة حمص.
ورغم القسوة التي تفرضها الظروف المعيشية، إلا أن الأهالي في حمص يحاولون المحافظة على الطابع الروحي والشعائري لعيد الأضحى، من خلال التركيز على العبادات والتجمعات الأسرية، أكثر مما هو على الاستهلاك والمظاهر الخارجية.
ويأمل الكثير من المواطنين أن تتحسن الظروف المعيشية في القريب العاجل، لتعود الحياة إلى طبيعتها، وتستعيد الأسواق نشاطها، وتتمكن العائلات من الاحتفال بالأعياد كما في السابق، دون أن تكون المصاريف عنصرًا مرهقًا لها.