رغم المشهد العام المتوتر في محيطها، أصرت الصيدلانية فينوس مهنا (36 عاماً) على أن يكون العيد في بلدة أم الزيتونة في محافظة السويداء مختلفاً هذا العام. لم تقبل أن تُختصر طفولة الأطفال بصورة يحملون فيها سلاحاً بلاستيكياً أو يلعبون بالمفرقعات التي تشبه أصوات الحرب. أرادت أن تزرع فيهم الفرح بدل الخوف، وأن تعزز فيهم حس الانتماء والتعاون، لا العنف.
تقول فينوس في حديثها لـ”سوريا 24“: “الفكرة خطرت ببالي من الأجواء الحزينة المنتشرة حوالينا، من الأطفال اللي عم يتصوروا مع السلاح أو يلعبوا بعنف. كان لازم نخلق بديل، مساحة آمنة تعني لهم العيد فعلاً، وتحمل معنى الفرح الحقيقي، مو العنف حتى لو كان بألعاب”.
ورغم أن فينوس بدأت الفكرة كمبادرة فردية، إلا أنها تحولت بسرعة إلى فعالية جماعية، شارك فيها تسعة متطوعين من شباب وصبايا البلدة، إلى جانب دعم وتنسيق من وليد الزرعوني، الذي ساعد في تنظيم الحفل والربط مع المدارس.
ارتدى المتطوعون كنزات بيضاء وبناطيل جينز، موحدين في مظهرهم ورسالتهم، وشاركوا الأطفال من مدرستين لحظات من الفرح، وسط أنشطة ترفيهية: من الرسم على الوجوه، إلى الأغاني، إلى مشاركة بعضهم في توزيع أساور صُنعت يدوياً من قبل أعضاء الفريق كهدايا بسيطة.
تقول فينوس: “وزعنا الأساور على الأطفال، وكلها بلون واحد وعدد حبات موحد. وقلنالن: نحنا كلياتنا واحد، وهذا السوار تذكير بهالرسالة”.
تضيف أن الإرادة المجتمعية قادرة على صنع الفارق، وأن زرع البسمة على وجوه الأطفال يمكن أن يكون فعلاً مقاوماً بامتياز، لا يقل أهمية عن أي مبادرة إنسانية أو صحية.
وفي ختام الفعالية، رسم الأطفال خريطة لسوريا على قماشة بيضاء، ثم وقّعوا أسماءهم أو كتبوا عبارات حب لسوريا. ستُعلّق الخريطة لاحقاً في مدارسهم، لتبقى ذكرى من العيد الذي حمل الفرح بدلاً من المفرقعات.
ولم يتوقف الأثر عند هذا الحد، فحتى بعد انتهاء الحفل، تعاون الأطفال مع المتطوعين في تنظيف المكان بشكل جماعي، في خطوة تهدف لغرس روح المسؤولية والانتماء. يشير الزرعوني إلى أن هذه المبادرة تأتي ضمن سلسلة من الأنشطة التي تشهدها أم الزيتونة، ويقول: “البلدة سبّاقة دائماً في التماسك المجتمعي. ومن خلال مبادرات مثل هذه، نُظهر أن الفرح ممكن، وأن العيد مناسبة لنزرع الأمل بدل الخوف”.