تشهد مدينة القصير في ريف حمص أزمة في توزيع الخبز وارتفاعًا غير مبرر في أسعار الربطة، ما دفع المواطنين إلى التذمر من الوضع القائم، خاصة بعد تحوّل ملف الخبز إلى سلعة وسوق تجاري مفتوح، وفق شكاوى عدد من السكان.
سلعة تجارية بامتياز
وقال تيسير القصيراوي، أحد سكان المدينة، في حديث لمنصة “سوريا 24”: “الخبز أصبح يُباع بأسعار تجاوزت 3500 ليرة في بعض المحلات، بينما يُفترض ألا يزيد سعر الربطة عن 3000 ليرة للمواطن العادي، ويتم استجراره من الفرن بسعر مدعوم هو 2400 ليرة للمعتمدين فقط”.
وأضاف: “المشكلة ليست في السعر فحسب، بل في كيفية التعامل مع المادة”.
وأوضح: “بات البعض يستجر 3 أو 4 ربطات يوميًا من الفرن، بدلاً من ربطتين فقط كما كان متبعًا سابقًا، ثم يقومون بإعادة بيعها في الأسواق بأسعار مضاعفة، ما جعل الخبز سلعة تجارية بامتياز”.
وأشار إلى أن هذا الواقع يخلق نوعًا من الاستنزاف المالي لدى المواطنين البسطاء، الذين يعانون أصلًا من ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
مراقبة المعتمدين وضبط التجاوزات
وأكد المهندس طارق حصوة، رئيس مجلس مدينة القصير، أن سعر الربطة محدد بـ2400 ليرة للمعتمدين، أما للمواطن فيتراوح بين 2800 و3000 ليرة، وهو الحد الأقصى المسموح به قانونيًا.
وأوضح في حديث لمنصة “سوريا 24” أن الجهات المعنية تقوم بتشديد الرقابة على المعتمدين في المدينة وريفها، مشيرًا إلى أنه “حتى اللحظة، لم ترد أي شكاوى تفيد بوجود معتمدين في القصير يخالفون تعليمات البيع أو يغيّرون سعر الربطة”.
ولفت إلى وجود بعض حالات التلاعب في المناطق الريفية التابعة للمدينة، والتي تتابعها السلطات المحلية بدقة.
إجراءات رادعة وإلزام المعتمدين بتقديم كشوفات
وفي محاولة لاحتواء الأزمة ومنع استغلال المواطنين، أصدر مجلس مدينة القصير قبل أيام قرارًا يُلزم فيه جميع معتمدي الخبز الذين يمتلكون أجهزة “البطاقة الذكية” بتسليمها إلى المجلس، وذلك ضمن خطوات لإحكام السيطرة على عملية التوزيع.
كما طلب المجلس من كل معتمد تقديم نسختين من قائمة بأسماء الأشخاص الذين يستجرون الخبز من مركزهم، على أن يتم تسليمها إلى مدير فرن القصير، محذرًا من أن “كل معتمد لا يلتزم بهذه التعليمات سيُعتبر مركزه ملغًى من الاعتماد”.
وتهدف هذه الخطوة إلى ضمان الشفافية في توزيع الخبز، ووقف عمليات التهريب والبيع غير المشروع، وتحديد هوية الفئات المستحقة فعليًا للمادة المدعومة.
هل تنجح الإجراءات في إنهاء السوق الموازي؟
ورغم التشدد في الرقابة والإجراءات الجديدة، يبقى السؤال مطروحًا حول مدى فاعلية هذه التدابير في ضبط الواقع، خاصة في ظل غياب آليات تنفيذ صارمة في بعض الحالات، واستمرار تحوّل الخبز إلى سلعة رابحة يتنافس عليها أصحاب المصالح.
ولا يقتصر الحل الحقيقي للأزمة على تشديد الرقابة فقط، بل يتطلب إعادة النظر في نظام التوزيع نفسه، وتفعيل البطاقة الذكية بشكل كامل، وتوفير الخبز للمواطن مباشرة دون المرور عبر حلقات وسيطة قد تستغل الحاجة لتحقيق مكاسب شخصية.
وفي الوقت الحالي، يأمل أهالي القصير أن تُسهم هذه الخطوات في تحسين الواقع المعيشي، وتخفيف العبء عن كاهلهم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السوريون منذ سنوات.