في سابقة قضائية بارزة، أصدرت محكمة فرانكفورت الألمانية، يوم الاثنين 16 حزيران/يونيو 2024، حكمًا بالسجن المؤبد على الطبيب السوري علاء موسى، بعد إدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال عمله في مشافٍ عسكرية ومراكز احتجاز تابعة لأجهزة الأمن السورية، بين عامي 2011 و2012، في مدينتي حمص ودمشق، من بينها مستشفى “المزة 601” سيئ الصيت.
وفي تعليق خاص لمنصة “سوريا 24”، اعتبر مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فضل عبد الغني، أن الحكم على موسى “هو إدانة مهنية وإنسانية في آنٍ معًا”، مضيفًا: “لقد استغل موسى مكانته الطبية لارتكاب انتهاكات بحق معتقلين، ما يكرّس مبدأ مهمًا مفاده أن المهن كافة، بما فيها مهنة الطب، لا تحصّن صاحبها من المحاسبة إذا تورّط في انتهاك حظر التعذيب وفق القانون الدولي”.
وأكد عبد الغني أن أهمية الحكم لا تتوقف عند إدانة فردية، بل تكمن في تأكيد دور منظمات المجتمع المدني السوري، والناجين، والشهود، في الدفع بمسار العدالة قدمًا، داعيًا في الوقت نفسه إلى الإسراع في تأسيس محكمة وطنية خاصة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في سوريا، وتعديل قانون العقوبات السوري بما ينسجم مع المعايير الدولية.
وشدّد عبد الغني على ضرورة أن يصادق البرلمان السوري مستقبلًا على نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، لضمان الانخراط في منظومة العدالة الدولية، داعيًا أيضًا إلى توثيق الدروس المستفادة من محاكمة موسى، والاستفادة من الأرشيف الجنائي والحقوقي الذي تم إنتاجه خلال المحاكمة، كمرجع للمحاكمات المنتظرة داخل سوريا.
ووصف عبد الغني الطبيب علاء موسى بأنه “أسوأ من الضابط أنور رسلان”، لأن الأخير مارس القمع من موقعه الأمني، أما موسى فخان قسمه الطبي وتحول إلى جلاد، وهو ما يجعل هذه القضية واحدة من أهم المحاكمات ضد منشقين سوريين تورطوا في جرائم جسيمة.
يُذكر أن الحكم، الذي وُصف بالتاريخي، جاء تتويجًا لسنوات من التحقيقات وشهادات ناجين وناجيات من التعذيب، تحدثوا عن تورط موسى في عمليات تعذيب وحشية وقتل داخل مرافق يُفترض بها أن تقدم العلاج، لا أن تتحول إلى ساحات للإمعان في القمع والانتهاك، كما وثّقت منظمات حقوقية سورية ودولية.