تفجير كنيسة مار إلياس: رسالة أمنية في توقيت حساس

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

اتهمت وزارة الداخلية السورية تنظيم “داعش” بالوقوف وراء التفجير الانتحاري الذي استهدف كنيسة مار إلياس في حي الدويلعة بالعاصمة دمشق، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى والجرحى من المصلين، وهو ما أعاد إلى الواجهة خطر التنظيمات المتطرفة، في لحظة مفصلية من تاريخ سوريا.

ويأتي هذا الهجوم في ظل تصاعد التوتر الإيراني–الإسرائيلي، ووسط بوادر استقرار هش بدأت تتشكل بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وبدء مرحلة انتقالية تقودها حكومة الرئيس أحمد الشرع التي تنال دعماً عربياً وإقليمياً ودولياً متزايداً.

توقيت التفجير ومكانه يفتحان باب التساؤلات: من المستفيد من ضرب الاستقرار؟ وهل يمثل هذا الهجوم مقدّمة لسلسلة تفجيرات تهدف لإرباك المشهد السوري في لحظته الانتقالية الدقيقة؟

أصابع الاتهام… وإشارات مزدوجة

الباحث والأكاديمي عرابي عرابي يرى أن التفجير يحمل رسالة أمنية واضحة مفادها أن التنظيم ما زال حاضراً، وأن بعض “الفلول” و”قسد” – على حدّ تعبيره – ربما سهّلوا بشكل مباشر أو غير مباشر تنفيذ العملية.

ويضيف: “الأطراف التي تناصب الحكومة العداء قد تجد مصلحة في زعزعة الأمن الداخلي، والتنظيم بدوره يوجّه رسالة مفادها: نحن هنا، وقادرون على التصعيد”.

وأشار عرابي إلى احتمال وجود خلايا نائمة داخل المدن السورية، منها العاصمة دمشق، مؤكدًا أن هذا التفجير لن يكون الأخير ما لم تُبذل جهود دقيقة في رصد المتطرفين ومراقبة أي تحركات قد تشير إلى نشاطات إرهابية.

واعتبر أن استهداف المكون المسيحي تحديدًا يرتبط بخلفية التنظيم الفكرية، حيث يسعى لاستقطاب أنصاره عبر عمليات ذات طابع ديني طائفي واضح.

وبحسب قوله، فإن التنظيم يختار المكونات الأكثر بروزًا في الواجهة، ولا يستبعد أن تنتقل الاستهدافات لاحقًا إلى طوائف ومناطق أخرى وفق حساباته الدعائية والتكتيكية.

تنظيم متأهّب وخطاب تصعيدي

من جهته، يرى الباحث المتخصص في الشؤون الأمنية نوار شعبان أن تنظيم “داعش” قدّم مؤشرات متعددة على نيته تنفيذ هجمات منذ أسابيع، لافتًا إلى تصاعد وتيرة إصداراته الإعلامية، ولا سيما عبر صحيفة “النبأ” الأسبوعية.

ويدلل شعبان على فرضيته، بالقول: “من حي الحيدرية في حلب إلى خلايا السيدة زينب، مرّت عدة محاولات – بعضها أحبطته السلطات ولم يُعلن عنه – مما يشير إلى محاولة التنظيم إثبات وجوده بأي ثمن”.

واعتبر شعبان أن التنظيمات المتطرفة مثل داعش و”أنصار السنة” تعتمد هجمات خاطفة ومفاجئة يصعب إحباطها أمنيًا في اللحظة المناسبة، حتى لو كانت الأهداف مراقبة أمنيًا، فالخطر يكمن في كون هذه الخلايا تختار توقيتاتها وأهدافها بحرّية نسبية، وتعمل بأسلوب مرن يصعب التنبؤ به.

ورأى أن الخطابات التي تصدر عن التنظيمات المتطرفة ليست مجرد بيانات، بل تهيئة نفسية وميدانية لتنفيذ عمليات فعلية، مما يحتم على الدولة الانتقال من الضبط الأمني العشوائي إلى العمل الاستخباراتي النوعي القائم على المعلومة الدقيقة والتحليل المسبق.

ويختم شعبان بالقول: “داعش قد لا يمتلك قدرة دائمة على زعزعة الاستقرار، لكن التنظيم قادر على خلق أثر لحظي كبير، ما لم تتم مواجهة الخطر عبر استراتيجية طويلة المدى تشمل تفكيك الخلايا النائمة ومعالجة بيئة التطرف، دون الاعتماد فقط على المقاربات الأمنية التقليدية”.

ما بعد التفجير… عين على الداخل والعقل على المستقبل

تفجير كنيسة مار إلياس ليس مجرد حادث عابر، بل جرس إنذار في لحظة إعادة بناء الدولة السورية بعد سقوط منظومة دامت لعقود.

التحدي الأكبر، اليوم، أمام الحكومة السورية يكمن في الجمع بين العدالة الأمنية والذكاء الاستخباراتي، والتحرك بخطى ثابتة نحو ترسيخ الاستقرار، دون الوقوع في فخ الاستفزازات التي قد تسعى بعض الأطراف لتوسيعها.

ويبقى السؤال الأهم: هل تكون هذه الضربة الأولى في سلسلة، أم تتمكن سوريا الجديدة من كسر الدائرة قبل أن تبدأ؟

مقالات ذات صلة