“تسنين” شمالي حمص: الحياة تعود ببطء إلى قرية دمرتها الحرب

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

عاد عدد من أهالي قرية تسنين في الريف الشمالي لحمص تدريجيا إلى ديارهم بعد سنوات من النزوح والدمار الذي حل بالقرية إثر الأحداث الدامية التي شهدتها عام 2013.

وفي ظل غياب الدعم الكافي، يحاول السكان إعادة بناء ما خربته الحرب، وسط جهود فردية ومجتمعية متواضعة، لكنها تحمل في طياتها بصيص أمل.

خطوات على طريق الإعمار

من بين العائدين أحمد حاميش، صحفي عاد من ألمانيا بعد سنوات من اللجوء، واختار أن يستثمر في مسقط رأسه بمشروع عملي هو تأسيس معمل لإنتاج البلوك.

يقول حاميش: “الهدف ليس فقط إيجاد فرص عمل، بل أيضا بدء عملية إعادة إعمار حقيقية، حتى لو كانت من القاعدة”.

ويضيف في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “كل شخص يستطيع أن يقدم شيئا، سواء كان عمالة أو تمويلا أو فكرة، فنحن لا ننتظر المعونات فقط، بل نريد أن نبني اقتصادا محليا يمكننا الاعتماد عليه”.

الرعاية الصحية أولوية

على الجانب الآخر، يبذل الصيدلاني أسامة حزوري جهودا لسد فجوة الخدمات الصحية، بعد أن عاد من الشمال السوري ليعيد فتح صيدلية صغيرة في القرية.

ويقول في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “الناس هنا يعانون من نقص تام في الخدمات الطبية، وهناك حالات مرضية مستعصية تحتاج إلى تدخل سريع، لكن لا توجد مستوصفات ولا مستشفى قريب”.

ويشير إلى أن “التحدي الأكبر هو عدم وجود دعم كاف من المنظمات الإنسانية”، مؤكدا أن “الموجود الآن لا يكفي إلا لجزء ضئيل من الاحتياجات”.

معاناة موزعة بين الداخل والخارج

يعيش نحو ثلثي سكان القرية داخل سوريا، موزعين بين ريف حلب وإدلب، بينما لجأ آخرون إلى تركيا ولبنان، وغالبا ما يفتقر هؤلاء اللاجئون إلى أي دعم حقيقي.

أما من عاد إلى القرية، فيواجه تحديات كبيرة تبدأ بالمنازل المهدمة وتنتهي بنقص المياه والكهرباء والتعليم والطبابة.

المسجد رمز الروح والذاكرة

من بين المشاريع الرمزية التي يعمل عليها الأهالي، ترميم مسجد القرية الكبير الذي دمر خلال المعارك.

ويقول حاميش إن “ترميم المسجد له طبيعة خاصة، لأنه لا يمثل مكانا للعبادة فحسب، بل مركز المجتمع ورمز هويته”.

وتشير التقديرات إلى أن المشروع يحتاج إلى دعم مالي ولوجستي أكبر من القدرات المحلية.

الزراعة والتعليم: رهان على المستقبل

أما في القطاع الزراعي، فقد بدأ بعض المزارعين بإعادة تأهيل أراضيهم، لكنهم يشكون من نقص المياه وغياب الدعم الفني والمعدات.

وتُعد الزراعة مصدر رزق تقليدي لأهالي تسنين، وقد تكون اليوم أحد الأبواب الرئيسية لإعادة تنشيط الاقتصاد المحلي.

وفي التعليم، فإن المدرسة الوحيدة في القرية ما زالت تعاني من تشققات في الجدران ونقص كبير في التجهيزات، بينما يفتقر المعلمون إلى الرواتب المنتظمة، مما يهدد مستقبل الطلاب.

العدالة: ذاكرة لا تُمحى

ورغم كل الجهود، فإن جراح الماضي ما زالت نازفة. فقد راح ضحية مجزرة تسنين عام 2013 أكثر من 100 ضحية ومفقود، وما زال مرتكبوها طلقاء، وفق ما أكد أحمد حاميش، الذي قال: “لن ننسى ولن نغفر، وليس لأننا نريد الانتقام، بل لأن العدالة هي الضمانة الوحيدة لعدم تكرار هذه الفظائع”.

ويضيف: “إذا لم يتم محاسبة من دمروا قريتنا وأزهقوا أرواح أهلنا، فكيف نطلب من الشباب أن يبنوا مستقبلا هنا؟”.

المشاريع التنموية المستدامة: مفتاح العودة الآمنة

ووسط كل ذلك، تبقى قرية تسنين في ريف حمص الشمالي نموذجا لعديد من القرى السورية التي تسعى لإعادة إعمار ما دمرته الحرب، لكنها تواجه تحديات كبيرة بسبب نقص الدعم الإنساني والإغاثي اللازم لمشاريع تنموية مستدامة.

مقالات ذات صلة