في ساعات الفجر الأولى من يوم الخميس، 12 حزيران/يونيو 2025، استفاق سكان بلدة بيت جن في ريف دمشق الغربي على أصوات محركات عسكرية وآليات تابعة لقوات الجيش الإسرائيلي وهي تتوغل داخل أحيائهم السكنية.
العملية التي نُفذت بدعم من عناصر لواء “ألكسندروني” التابع للفرقة 210، لم تخلُ من الخسائر؛ إذ أسفرت عن مقتل الشاب محمد حمادة، واعتقال سبعة مدنيين آخرين من أبناء البلدة، معظمهم من عائلة واحدة.
بحسب ما وثقته الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير خاص وصل لموقع سوريا 24، فإن القوات الإسرائيلية اقتحمت الحارات القديمة في بيت جن، وسط حالة من الذعر بين السكان، لتندلع مناوشات محدودة حاول خلالها الأهالي فهم ما يجري، لكن رصاص الجنود كان أسرع، وأصاب محمد حمادة إصابة مباشرة أودت بحياته، واعتقال سبعة آخرين وسط غياب تام للإجراءات القانونية، ولم يُعرَض أيٌّ منهم على جهة قضائية، ولم تُبرز مذكرات توقيف، في خرق واضح للقانون الدولي، كما أكد تقرير الشبكة.
الجيش الإسرائيلي لم يتأخر في إعلان روايته عبر المتحدث باسمه، أفيخاي أدرعي، الذي قال إن العملية استهدفت “مخربين تابعين لحماس”، مدعيًا العثور على أسلحة وذخائر، ومشيرًا إلى أن المعتقلين نُقلوا إلى داخل إسرائيل للتحقيق، إلا أن هذه الرواية قوبلت بتكذيب واسع من أبناء البلدة وناشطين حقوقيين تواصلت معهم الشبكة، والذين أكدوا أن المعتقلين مدنيون معروفون في البلدة بعملهم في الزراعة ورعي الأغنام، ولا ينتمون لأي جهة مسلحة أو سياسية.
رد الفعل الرسمي لم يتأخر أيضًا، إذ أصدرت وزارة الداخلية في الحكومة الانتقالية السورية بيانًا أدانت فيه العملية، ووصفتها بأنها “اعتداء على السيادة السورية”، فيما شددت وزارة الخارجية على أن هذا التوغل يُعد خرقًا فاضحًا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا.
تقرير الشبكة السورية أشار إلى أن الحادثة لا تمثل انتهاكًا فرديًا، بل تأتي ضمن نمط متكرر من التوغلات العسكرية التي تنفذها القوات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، لا سيما في الجنوب، واعتبرت أن مقتل محمد حمادة يُصنّف كجريمة قتل خارج نطاق القانون، وأن احتجاز المدنيين دون إجراءات قانونية يُعد شكلًا من أشكال الاعتقال التعسفي المحظور بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
التقرير لفت أيضًا إلى خطورة نقل المحتجزين قسرًا إلى داخل إسرائيل، وهو ما يُخالف المواد 49 و147 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل القسري والاحتجاز غير القانوني للأشخاص المحميين، كما أشار إلى أن استمرار هذه العمليات العسكرية داخل الأراضي السورية يُكرّس واقعًا احتلاليًا غير معترف به، قد يفتح الباب أمام تغيرات ديموغرافية وفرض سلطة أمر واقع.
في ختام تقريرها، دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل، مطالبة بإدانة رسمية لما جرى، وفتح تحقيقات أممية محايدة، وتوسيع عمل قوات الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك لتشمل مراقبة الانتهاكات بحق المدنيين في المناطق الحدودية، إلى جانب إحالة هذه الانتهاكات إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وحتى الآن، لا يزال مصير المعتقلين السبعة مجهولًا، فيما لا تزال البلدة تعيش على وقع القلق والصدمة من العملية التي هزّت هدوءها فجرًا، وخلّفت وراءها دماءً وأبوابًا مكسورة وقلوبًا مكلومة.