وثائق جديدة تكشف وفاة آلاف المعتقلين في سجون النظام السابق

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

في ذكرى اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب، كشفت الشبكة السورية لحقوق الإنسان عن تقرير صادم يسلّط الضوء على فصول جديدة من الانتهاكات التي ارتُكبت بحق السوريين داخل مراكز الاحتجاز التابعة لنظام بشار الأسد، والذي سقط في كانون الأول/ديسمبر 2024.

التقرير الصادر اليوم، 26 حزيران/يونيو 2025، وثّق وفاة 29,959 شخصاً نتيجة التعذيب خلال عام واحد فقط، ما رفع الحصيلة الإجمالية إلى 45,342 ضحية منذ آذار/مارس 2011، بينهم 225 طفلاً و116 سيدة.

للمرة الأولى، مكّنت وثائق وسجلات رسمية كانت محجوبة سابقاً من تأكيد وفاة آلاف المختفين قسراً داخل مراكز الاحتجاز، في ظل غياب أي رقابة أو مساءلة.

وبحسب التقرير، فإن الغالبية الساحقة من حالات الوفاة – أكثر من 99% – وقعت في معتقلات تابعة للنظام السابق، والذي استخدم التعذيب كأداة قمع ضمن سياسة ممنهجة شملت الأجهزة الأمنية الأربعة الرئيسة.

رصدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان استخدام ما لا يقل عن 72 وسيلة تعذيب في تلك المراكز، بينها الضرب، الشبح، الصعق بالكهرباء، الإيهام بالغرق، والعنف الجنسي.

وتظهر البيانات أن الانتماء المناطقي للضحايا كان عاملاً في شدة الانتهاكات، إذ مورست عمليات تعذيب انتقامية بحق معتقلين من مناطق صنّفت معارضة للنظام.

عبر تحليل صور قيصر المسرّبة من المشافي العسكرية، تمكّنت الشبكة من تحديد هوية 1,017 ضحية، بينهم 382 في فرع المنطقة (227) و300 في فرع 215، وهما من أبرز مراكز التعذيب التي وُثّقت خلالها أفظع الجرائم.

أكد التقرير أن المرحلة الانتقالية في سوريا تضع على عاتق الحكومة الجديدة مسؤولية مباشرة لمواجهة هذا الإرث، عبر خطوات تبدأ بالتحقيق الشامل، وتمكين القضاء، والتعاون مع الآليات الأممية، وصولاً إلى تعويض الضحايا وضمان عدم تكرار الانتهاكات.

كما شدد التقرير على أن على الحكومة الانتقالية الاعتراف الرسمي بالانتهاكات التي وقعت داخل مراكز الاحتجاز، واعتبارها جرائم جسيمة تستوجب المعالجة ضمن إطار العدالة الانتقالية، ومن الضروري أن تبدأ السلطات بعملية مسح شاملة لجميع مراكز الاحتجاز التي استخدمها النظام السابق، والتحقيق في الانتهاكات التي ارتُكبت فيها، مع الاستماع لشهادات الضحايا والناجين والعاملين السابقين.

كذلك، دعا التقرير إلى حماية الوثائق والأدلة من العبث أو الإتلاف، بالنظر إلى أهميتها القانونية والحقوقية، والعمل على مراجعة القوانين التي وفرت الغطاء للمنتهكين واستبدالها بتشريعات تتماشى مع اتفاقية مناهضة التعذيب.

وشدد على ضرورة منع أي تسويات سياسية أو قضائية تمنح العفو أو الشرعية لمن تورطوا في تلك الانتهاكات، وأهمية التعاون مع الآليات الدولية وتسهيل مهامها، وتأسيس برامج دعم شاملة للضحايا، تتضمن تعويضهم والاعتراف الرمزي بمكانتهم ومأساتهم.

وأكد التقرير كذلك على أهمية تضمين ملف التعذيب في الرواية الرسمية للدولة وفي المناهج التعليمية، كجزء من مسار وطني للمصالحة وبناء ثقافة حقوق الإنسان، مع التأكيد على استبعاد المتورطين من أي مواقع سلطة مستقبلية.

خلص التقرير إلى أن الانتهاكات المرتكبة، وعلى رأسها الوفاة تحت التعذيب، ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية بحسب المادة السابعة من نظام روما الأساسي، نظراً لطابعها المنهجي واتساع نطاقها واستهدافها للمدنيين ضمن سياسة رسمية.

ودعا إلى استمرار الجهود الحقوقية والدولية من أجل ضمان محاسبة مرتكبي هذه الجرائم، ومنع أي محاولات لإفلاتهم من العقاب، تمهيداً لبناء دولة قائمة على العدالة واحترام الكرامة الإنسانية.

مقالات ذات صلة