بعد سقوط نظام الأسد في 8 كانون الأول 2024، أغلقت قوات سوريا الديمقراطية جميع المدارس في المناطق التي سيطرت عليها بمحافظة الحسكة، بما فيها المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية، بالإضافة إلى الثانويات المهنية والتجارية التي كانت تُدرّس مناهج الحكومة السورية سابقًا. فقد كانت هذه المدارس متوفرة فقط في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، إلا أن إغلاقها المفاجئ ترك هؤلاء الطلاب أمام مصير مجهول، وأجبرهم على التسجيل في الفرع الأدبي لمتابعة تعليمهم، بعد أن أصبح ذلك الخيار الوحيد المتاح لهم بسبب غياب أي مراكز مهنية وتجارية بديلة حتى اللحظة.
أمل العودة إلى الدراسة رغم المعاناة
فرهاد علي، الطالب الذي كان يقيم في دمشق ويدرس ضمن قسم الصناعة، يروي لـ«سوريا 24»: «كنا نسكن في حي وادي المشاريع بدمشق، وكنت أتابع دراستي لنيل الشهادة المهنية، لكن بعد سقوط النظام بأسبوع واحد، اضطررنا إلى النزوح إلى القامشلي. كنت أظن أنني سأتوقف عن الدراسة إلى أن تستقر الأوضاع، إلا أن فتح مراكز تسجيل للبكالوريا هنا أعاد لي الأمل. لم أجد أمامي إلا التسجيل في الفرع الأدبي بسبب عدم توفر فرع مهني. قضيت الأشهر الماضية أدرس المناهج الأدبية قدر الإمكان، وقررت خوض التجربة كي لا أضيّع سنتي الدراسية سدى».
التسجيل الأدبي بدلًا من المهني
أما خالد محمد من مدينة القحطانية، فقد أشار إلى المعاناة ذاتها، قائلًا: «أنا من طلاب البكالوريا المهنية، وجئت إلى مركز التسجيل بالقامشلي لأسجل، لكنني فوجئت بعدم وجود أي مركز مهني، فاضطررت إلى التسجيل في الفرع الأدبي. كنا ننتظر بفارغ الصبر أن تُفتح مراكز مهنية حتى نتابع تعليمنا من دون عناء السفر إلى محافظة أخرى، خصوصًا أن ظروفنا المادية صعبة. وعندما سمعنا باتفاق الحكومة السورية وقوات قسد على فتح مراكز التسجيل، شعرنا بفرحة كبيرة، لكننا أصبنا بخيبة أمل لعدم توفر فرع مهني. لم يبقَ أمامنا سوى التوجه إلى الأدبي، رغم أني لم أدرس مواده من قبل، وكان الوقت ضيقًا لإنهاء المنهاج. على الرغم من ذلك، قررت المحاولة كي لا أضيع السنة الدراسية».
تحديات إضافية أمام الطلاب
من جهته، تحدث سامان علي (20 عامًا) من مدينة القامشلي إلى «سوريا 24»، قائلًا: «جئت إلى مركز التسجيل لأتابع دراستي، فقد كنت أدرس تخصص التجارة وأحب هذا الفرع كثيرًا لأنني أعمل في السوق وأفهم طبيعة الحسابات والتجارة. فرحت كثيرًا عندما سمعت بخبر الاتفاق على فتح مراكز التسجيل، وظننت أن حلمي سيتحقق. لكنّ الصدمة كانت عندما أبلغوني بعدم توفر فرع مهني أو تجاري، ولم أتمكن سابقًا من السفر إلى مناطق النظام بسبب انتهاء أوراقي العسكرية وعدم وجود تأجيل. حتى أهلي كانوا خائفين من سفري إلى مناطق أخرى. ومع ذلك، لم أقطع الأمل واحتفظت بكتب التجارة ودرستها بنفسي قدر الإمكان، كما سجلت في الفرع الأدبي وأحاول حاليًا متابعة الدروس بأقصى ما أستطيع. وإذا لم أوفّق هذا العام، أرجو أن يتم فتح مراكز للشهادات المهنية والتجارية العام المقبل كي أعود إلى تخصصي الذي أحبه».
أمل مستمر لدى الطلاب
بهذه الشهادات، يتضح أن طلاب المهني والتجاري من محافظة الحسكة أُجبروا على خوض تجربة علمية مختلفة تمامًا عمّا اعتادوا عليه، بسبب إغلاق مراكز التعليم المهني والتجاري، وعدم إيجاد بدائل حتى اللحظة. ورغم كل المعوقات، لا يزال لدى هؤلاء الطلاب أمل كبير بأن تتحسن ظروف التعليم المهني قريبًا، وتعود المراكز المهنية والتجارية إلى مناطقهم، لينالوا التعليم الذي طالما حلموا به.