مدينة عربين، الواقعة وسط الغوطة الشرقية، بدأت تستعيد عافيتها بعد سنوات من الدمار الذي خلفته العمليات العسكرية والقصف العشوائي من قبل نظام الأسد السابق. وقد وصلت نسبة الدمار في المدينة إلى نحو 70%، قبل أن تبدأ مبادرات محلية، يقودها أبناء المدينة وتجارها، بإعادة ترميم الأحياء المدمرة وتحسين الخدمات الأساسية.
ورغم التحديات، تُبذل جهود ذاتية كبيرة لإعادة النبض إلى المدينة التي كانت تؤوي قرابة 100 ألف نسمة، من خلال مبادرات تهدف إلى تجاوز الصعوبات الخدمية والاقتصادية، وتوفير الحد الأدنى من مقومات العيش.
وفي هذا السياق، تم تشكيل لجان أهلية خدمية للمساهمة في تحسين الواقع اليومي للمدينة. وقال براء عثمان، لمنصة “سوريا 24”، إن تشكيل هذه اللجان جاء كخطوة أولى لمعالجة الملفات الخدمية، وأضاف: “باشرت اللجان عملها بشكل مباشر في مختلف القطاعات، وعلى رأسها قطاع النظافة، من خلال التعاون مع شركة ‘أي كلين’ التي تنفذ حملات تنظيف دورية في الأحياء”.
مجلس أعيان محلي لدعم التواصل
ومن المبادرات التي شهدتها المدينة مؤخرًا، إنشاء مجلس أعيان يضم عددًا من تجار المدينة وشخصياتها الفاعلة. فبحسب عثمان، يسعى المجلس للتواصل مع المؤسسات الحكومية لتأمين الاحتياجات الأساسية، وتعويض النقص في البنية التحتية، بالإضافة إلى تقديم مقترحات عملية وسريعة لحل المشاكل العالقة.
الكهرباء والمياه.. بجهود أهلية وتمويل خاص
وفيما يتعلق بواقع الكهرباء والمياه، أوضح فداء الشامي، وهو من سكان المدينة، لمنصة “سوريا 24”، أن عربين تعتمد على مشاريع خاصة لتأمين الكهرباء عبر مولدات ضخمة تعمل بنظام “اشتراك الأمبير”، إلى جانب ساعات محدودة من الكهرباء النظامية.
ولفت إلى أن المياه تؤمَّن بشكل أساسي من خلال الآبار الجوفية التي تُضخ باستخدام مضخات موزعة على أحياء المدينة.
الإيجارات المرتفعة تعيق عودة السكان
رغم جهود إعادة الحياة، تبقى تكاليف السكن أحد أبرز التحديات التي تواجه العائدين إلى المدينة، وهو من أبرز العوائق التي اعترضت عودة عمر محمد، الذي يقول لمنصة “سوريا 24” إنه اضطر إلى استئجار منزل مقابل 150 دولارًا شهريًا بعد أن وجد منزله مدمَّرًا بالكامل، وأضاف: “الوضع صعب، فالإيجارات تتراوح بين 100 و300 دولار، وهذا يشكل عبئًا كبيرًا، خصوصًا مع ارتفاع كلفة المعيشة”.
في ظل غياب الدعم الخارجي وندرة الموارد، يواصل أبناء عربين الاعتماد على أنفسهم لإعادة بناء مدينتهم، عبر مبادرات محلية تنبع من الحاجة والإصرار، في مشهد يعكس تصميمًا جماعيًا على تجاوز آثار الحرب، رغم الصعوبات.