مارع: موسم بطاطا كارثي ومناشدات لإنقاذ ما تبقّى

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

تواجه مدينة مارع بريف حلب الشمالي واحدة من أسوأ الأزمات الزراعية في تاريخها الحديث، بعد تدهور موسم البطاطا لهذا العام، بسبب الجفاف الحاد، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف الوقود ومدخلات الإنتاج.

وحول كلفة زراعة البطاطا، قال المزارع والتاجر عماد محمد لمنصة سوريا 24 إن تكلفة زراعة الهكتار الواحد من البطاطا تجاوزت هذا العام 10 آلاف دولار، بعد أن كانت تتراوح في المواسم الماضية بين 6 و7 آلاف. وأوضح أن هذا الارتفاع يعود إلى أسعار الوقود وتراجع كميات المياه الجوفية الصالحة للري.

وتابع: “في الموسم الماضي، كنا نحقق أرباحًا تتراوح بين 3 و4 آلاف دولار للهكتار، أما هذا العام فالمزارع يخسر بمعدل 4 آلاف دولار، والإنتاج في بعض الحقول انخفض إلى أقل من 2 طن للهكتار”.

وأشار إلى أن ضعف التصريف اضطر العديد من المزارعين إلى تخزين المحصول في البرادات، ما أضاف تكاليف تشغيل إضافية فاقمت حجم الخسائر.

كما شهد عدد المزارعين تراجعًا حادًا، من 500 مزارع العام الماضي إلى أقل من 200 هذا الموسم، مع توقّعات بانخفاض أكبر في حال استمرار الأزمة.

وطالب عماد بتخفيض أسعار الوقود، الذي وصفه بـ”شريان الحياة للزراعة”، مشيرًا إلى أن أجرة نقل طن البطاطا من مارع إلى برادات العزيزية تبلغ 7 دولارات، في حين يصل سعر برميل الوقود إلى أكثر من 200 دولار، مما جعل الزراعة عبئًا ثقيلًا على المزارعين.

مارع: بيئة فريدة ومناخ مثالي.. لكن الزراعة في خطر

تُعدّ منطقة مارع من أهم مناطق زراعة البطاطا شمال سوريا، بفضل مناخ “الخط العاشر” ورطوبة الهواء الغربي، وتربتها الطينية الخصبة ومياهها الجوفية العذبة، ما يمنح البطاطا المنتجة هناك نكهة وجودة خاصة. وتُقدّر المساحة المزروعة هذا العام بـنحو 15 ألف دونم.

وفي هذا السياق قال المهندس الزراعي والمزارع شريف الناصر لسوريا ٢٤، الذي يعمل في هذا القطاع منذ عام 1991، إن مارع تنتج أصنافًا متعددة من البطاطا، أبرزها: أريزونا، سبونتا، نعيمة، أجريا، أكريا، سنرجي، وساوند، مؤكدًا أن خصوبة التربة وبرودة الجو تمنح المحصول قيمة إضافية في الأسواق.

إلا أن الناصر حذّر من التحديات المتزايدة، خصوصًا الجفاف الذي أدى إلى انخفاض منسوب المياه الجوفية وتحول بعضها إلى مياه كبريتية غير صالحة للري، إضافة إلى الأمراض الفطرية مثل “اللفحة المبكرة والمتأخرة”، التي تضرب المحصول نتيجة تقلبات الطقس الحادة.

التسويق والتصدير.. ومشكلات التكدّس

أوضح الناصر أن المحصول يُوجَّه أساسًا إلى السوق المحلية وسوق الهال، لكن الأسعار تتأثر سلبًا عند دخول البطاطا المستوردة من دول الجوار، ما يُضعف قدرة المزارعين على تحقيق أرباح.

ورغم وجود تصدير محدود إلى دول الخليج، إلا أن غياب التخطيط الزراعي والدعم الحكومي يُعيقان التوسع الحقيقي في هذا المجال.

وأضاف: “رغم تحرير أراضٍ زراعية جديدة، ما يزال هناك نقص في إزالة الألغام، وغياب تام لفرق الدعم الفني والمؤسساتي، ما يُقلّص فرص التوسع والإنتاج”.

البطاطا في سوريا: محصول استراتيجي يواجه أزمات متراكمة

تُعدّ زراعة البطاطا من أهم الأنشطة الزراعية في سوريا، حيث تنتشر في الغاب، درعا، حمص، حماة، إدلب، ريف دمشق، ومارع، وتُزرع على ثلاث دورات سنوية تعرف بـ”العروات”:

* الربيعية: من شباط حتى أيار (الأكبر إنتاجًا).

* الصيفية: من أيار حتى تموز في المناطق المرتفعة.

* الخريفية: من آب حتى تشرين الثاني، خاصة في الساحل والجنوب.

وكان متوسط إنتاج سوريا قبل عام 2011 يتراوح بين 1.2 و1.5 مليون طن سنويًا، لكنه انخفض بشكل كبير بسبب الجفاف، وارتفاع التكاليف، وضعف الدعم الحكومي، ما جعل استمرار زراعة البطاطا في بعض المناطق أشبه بالمغامرة.

دعوات عاجلة: دعم الزراعة أو فقدان سلة غذاء الشمال

دعا كل من عماد محمد وشريف الناصر إلى تدخل عاجل من الجهات المعنية والمنظمات الداعمة لإعادة تنظيم القطاع الزراعي في المنطقة، وتوفير مدخلات الإنتاج بأسعار مدعومة، وفتح أسواق التصدير، وتأمين فرق إزالة الألغام من الأراضي الزراعية المحررة.

واختتم الناصر بالقول: “مارع كانت ولا تزال سلة غذائية مهمة لشمال سوريا… وتستحق أن تُدعم، لأن استمرار الوضع الحالي يعني خروج آلاف المزارعين من دورة الإنتاج”.

مقالات ذات صلة