تتفاقم يومًا بعد يوم أزمة انقطاع مياه الشرب عن عدد من أحياء مدينة حمص وسط سوريا، في ظل غياب تام للحلول الفعلية من قبل الجهات المعنية.
ودفع هذا الوضع عددًا من الناشطين إلى إطلاق حملة إعلامية بعنوان “حمص عطشى”، بهدف لفت انتباه المسؤولين والجهات المحلية والمركزية إلى خطورة الوضع الإنساني المتردي.
وأكد الناشطون أن أحياء البياضة ودير بعلبة، إضافة إلى عدة مناطق أخرى في المدينة، تعاني منذ أسابيع من شح حاد في مياه الشرب، حيث لم تعد المياه تصلها بشكل منتظم، بل وفي بعض الأحيان تتوقف تمامًا لعدة أيام متواصلة.
واضطر الأهالي إلى اللجوء إلى حلول بديلة مكلفة وغير مستدامة، مثل شراء المياه عبر الصهاريج الخاصة أو الحفر غير المؤهلة فنيًا، في وقت يعاني فيه معظمهم من ضيق ذات اليد.
آبار خاملة وغياب الصيانة
يشير الأهالي إلى وجود عدد من الآبار التي كانت تمثل مصدر خلاص خلال سنوات الحرب والحصار، لكنها ما زالت اليوم خارج الخدمة بسبب عدم توفير الدعم الكافي لإعادة تأهيلها وصيانتها، متسائلين: “إذا لم نستطع تأمين دعم لمياه الشرب، فكيف لنا أن نعيد إعمار البلد؟!”
ويطالب سكان الأحياء المتضررة، الحكومة المركزية في دمشق ومحافظة حمص، إضافة إلى الجمعيات الخيرية وتجار المدينة في الداخل والخارج، بالتدخل الفوري والعاجل لإنقاذ آلاف العائلات من أزمة العطش التي تهدد حياتهم اليومية، مؤكدين أن: “الناس لا تريد اجتماعات ولا حلولًا على الورق، بل قطرة ماء تروي ظمأهم”.
مجلس المحافظة مغيّب تمامًا
وأكد محمود أبو سليمان، أحد سكان مدينة حمص، في حديثه لمنصة سوريا ٢٤، أن مجلس محافظة حمص “مغيّب تمامًا” عن تقييم واقع الخدمات في الأحياء التي كانت منكوبة سابقًا، والتي لا تزال تحمل آثار الحرب وتسعى للتعافي.
وقال سليمان إن الخدمات المقدمة تتركز في الأحياء التي لم تُدمّر، بينما تُهمَل المناطق التي شهدت دمارًا هائلًا، مثل البياضة وبابا عمرو والخالدية وأحياء أخرى، مشيرًا إلى أن هذه المناطق “ما زالت تعاني من غياب شبه كامل للمياه والكهرباء، ومن شبكات متهالكة تحتاج إلى إعادة تأهيل عاجل”.
وأضاف: “نحن الآن في فصل الصيف، والناس بحاجة ماسة إلى المياه، وللكهرباء أيضًا لتتمكن من تشغيل مضخات المياه. لا يمكن الاستمرار في الاعتماد على المنظمات الإغاثية فقط، بل يجب أن يكون هناك دور حقيقي وفاعل من مجلس المحافظة لدعم هذه المناطق المنكوبة”.
المياه غير كافية
من جانبه، أشار أحمد فهد ديب، عضو لجنة حي دير بعلبة بمدينة حمص، إلى أن وضع المياه “تحسّن قليلًا مقارنة بالأوضاع السابقة”، لكنه لا يزال دون مستوى الطموح، خاصة مع ارتفاع معدل الاستهلاك نتيجة عودة السكان إلى ترميم منازلهم واستخدام المياه بكثافة في أعمال البناء.
وأوضح في حديثه لمنصة سوريا ٢٤ أن التوزيع لا يتم بشكل عادل، وأن العديد من المواطنين يعانون من عدم توفر المياه رغم وجود عدادات، مشيرًا إلى العلاقة الوثيقة بين انقطاع الكهرباء وعدم وصول المياه.
وقال: “لو كان لدينا كهرباء 24 ساعة، لكانت المياه تصلنا بشكل أفضل، لكن الواقع الحالي يرهق الناس الذين لا يملكون القدرة على تأجير مولدات أو شراء مياه باهظة الثمن”.
اجتماع قادم مع مدير مؤسسة المياه
وفي أول رد رسمي على نداءات الأهالي، قال سمير المطفي، معاون محافظ حمص لشؤون الإعلام والعلاقات العامة، في حديثه لمنصة سوريا ٢٤: “خلال الأيام القليلة القادمة، سيكون هناك اجتماع مع مدير مؤسسة المياه في حمص لبحث كافة التحديات والعوائق التي تواجه وصول المياه إلى الأحياء المتضررة، خاصة تلك التي دمرتها الحرب”.
ولم يكشف المطفي عن تفاصيل دقيقة حول الحلول المنتظر تنفيذها، لكنه أكد أن المحافظة تعمل على رصد الاحتياجات الفعلية لهذه المناطق، وفق الإمكانيات المتاحة.
وبينما ينتظر الأهالي بشيء من التفاؤل أي تجاوب حقيقي مع ندائهم، يبقى سؤالهم الأخير مفتوحًا: “هل تجد هذه النداءات صدىً لدى من يملكون القرار؟ أم أن حمص ستبقى عطشى تنتظر قطرة من اهتمام؟”