تدمر: إبطال عقود عقارات كانت موزعة لمقربين من النظام السابق

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

أصدر المجلس البلدي في المدينة قرارًا رسميًا بإلغاء العمل بجميع التخصيصات والعقود المتعلقة بعدة عقارات تم توزيعها بطريقة غير قانونية، وذلك بعد تحقيق شامل أُجري مع لجنة مدنية وبحضور وجهاء محليين.

جاء ذلك في خطوة جديدة ضمن سعي السلطات المحلية في مدينة تدمر بريف حمص الشرقي لتصحيح المخالفات العقارية التي شابت توزيع الأراضي والمنشآت خلال فترات سابقة.

وأكد المجلس البلدي أن هذه الخطوة تأتي في إطار الحفاظ على المال العام، وحماية الحقوق العقارية المشروعة، وضمان عدم تكرار التجاوزات السابقة التي طالت الملكية العامة والخاصة في المدينة التاريخية.

تحقيق شامل يفضي إلى إلغاء التخصيصات

وأوضحت المصادر الرسمية أن العقار رقم 6262، الواقع ضمن المخطط التنظيمي لمدينة تدمر، والذي تبلغ مساحته الإجمالية نحو 26,563 مترًا مربعًا، قد خُصص بشكل غير قانوني لعدة جهات وأفراد، بعضها تحت ما يُعرف بـ”تخصصات أمنية”، وبعضها الآخر عبر مزادات مخالفة، دون وجود مستندات قانونية واضحة أو إجراءات رسمية منتظمة.

وبناءً على نتائج التحقيق، قرر المجلس البلدي إلغاء جميع التخصيصات والعقود المرتبطة بهذا العقار، والتي كانت تشمل:

شركة وايت سالت للصناعة والتجارة – على العقار رقم 6262، بمساحة 11 دونمًا.

عبد الهادي حسن – على نفس العقار، بمساحة 9,763 مترًا مربعًا.

مهنا حسين الحسن وشريكه عبد الرحمن محمد أمين الصالح – بمساحة 5,400 متر مربع.

نبيل فرزات – على نفس العقار، بمساحة 5,400 متر مربع.

وقال الناشط الإعلامي حمود عبد الله، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إن “هذه العقارات كانت منطقة فارغة، ولا يوجد فيها سكن، وتقع شمال مدينة تدمر، حيث تم بيعها بمبالغ زهيدة لا تتناسب مع قيمتها الحقيقية، وغالبًا ما وقعت بأيدي سماسرة أو مقربين من أفرع الأمن”.

وأضاف عبد الله أن “بعض هذه العقارات استُغلت ككازيات أو مشاريع استثمارية بعقود طويلة الأمد بأسعار تافهة، مثل كازية العامرية التي أُجّرت بمبلغ 70 دولارًا شهريًا لمدة 15 عامًا”.

العقارات عائدة ملكيتها للدولة

من جانبه، أكد خالد بهاء الدين، مدير تنسيقية تدمر، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن “هذه العقارات تعود ملكيتها للدولة وليس للأهالي، لكنها مُنحت لأفراد محسوبين على النظام السابق بمزادات وهمية وأسعار بخسة جدًا، تقل عن قيمتها الحقيقية بأضعاف”.

وأوضح أن “المجلس البلدي، بالتعاون مع لجنة تدمر المدنية، قدّم عدة كتب رسمية للمحافظة منذ أشهر، حتى صدر القرار بإبطال التخصيصات واستعادة الأرض، لتُعاد طرحها لاحقًا بمزادات رسمية وعلنية”.

وأشار إلى أن موقع هذه الأراضي استراتيجي، إذ يقع شمال المدينة، وهي الجهة الوحيدة المتاحة أمام التوسع العمراني، نظرًا لوجود الحرم الأثري من جهة، ومنشآت عسكرية (منها سجن تدمر) من الجهات الأخرى.

استمرار الجهود لإعادة العقارات

بدوره، قال عبد الله العبد الكريم، عضو الإدارة المدنية بريف حمص الشرقي، إن هناك عمليات متواصلة لإلغاء عقود إيجار واستثمار سابقة تشمل عقارات عامة، منها الكازية والاستراحة الواقعتان على الطريق العام، واللتان كانتا تخضعان لعقود استثمار مدتها 15 سنة بمبلغ 70 دولارًا شهريًا فقط.

وأشار، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن هناك مطالبات مستمرة من قبل البلدية لإعادة عقارات مشابهة خُصصت بنفس الطريقة.

كما أوضح العبد الكريم أن الميليشيات الإيرانية استحوذت، خلال فترة سيطرتها على المدينة، على عدد من المنازل والممتلكات الخاصة بالمدنيين، ويتم الآن العمل على إعادة هذه العقارات إلى أصحابها الحقيقيين بعد تقديم الوثائق والإثباتات اللازمة.

هل قدم المدنيون طلبات لاسترداد عقاراتهم؟

وحول طلبات استرداد العقارات من قبل المواطنين، فإن هناك العديد من الحالات الإنسانية التي تم التعامل معها أولوية، خاصة تلك التي تتعلق بمنازل المواطنين التي انتُزعت منهم في ظروف قسرية أو عبر تدخلات أمنية سابقة.

وتبلغ نسبة العقارات التي وُزعت بشكل غير نظامي في تدمر مرتفعة نسبيًا، خصوصًا في المناطق الشاغرة قليلة السكان، حيث استغل بعض السماسرة ضعف الرقابة لتوزيعها بدون سند قانوني.

آليات جديدة لتسريع النظر في الملفات

وفيما يتعلق بالإجراءات الجديدة، ذكر عدد من المهتمين بهذا الملف للمنصة، أن بلدية تدمر بدأت بتطبيق آليات عمل تهدف إلى تسريع النظر في ملفات الملكية العقارية، بما في ذلك إنشاء لجان فرعية متخصصة، واعتماد نظام إلكتروني مبسط لتسجيل المطالبات وتوحيدها، بالإضافة إلى تشديد الرقابة على أي عملية توزيع أو استثمار مستقبلي.

وأكدت أن هذه الآليات تهدف إلى تعزيز الشفافية، وضمان العدالة بين جميع الأطراف، وتجنب التدخلات الخارجية في القرارات العقارية.

وتأتي هذه الإجراءات في سياق مساعٍ أوسع لاستعادة الدولة السورية لدورها القانوني والتنظيمي في إدارة الموارد والأراضي، خاصة في المناطق التي شهدت فوضى توزيع غير منضبط خلال فترات الحرب.

وتبقى مدينة تدمر، ذات الأهمية التاريخية والثقافية العالمية، بحاجة إلى متابعة دقيقة ومستمرة لضمان عدم تكرار التجاوزات، ولإعادة هيكلة الملف العقاري فيها ضمن أسس قانونية واضحة تحمي حقوق الجميع.

مقالات ذات صلة