تشهد الأراضي الزراعية في ريف محافظة الرقة أزمة متفاقمة نتيجة الانتشار الواسع لنبات الباذنجان البري، الذي يعد من النباتات الشوكية الغازية ذات القدرة العالية على التمدد والانتشار السريع. هذا النبات الطفيلي يستنزف العناصر الغذائية من التربة، ما أدى إلى تدهور كبير في جودة الأراضي الزراعية وحرمان مساحات واسعة منها من الزراعة الفعالة.
آثار كارثية على الإنتاج الزراعي
أدى انتشار الباذنجان البري إلى تراجع ملحوظ في الإنتاجية الزراعية، حيث غطى هذا النبات الضار مساحات شاسعة من الأراضي، مما أعاق زراعة المحاصيل الأساسية مثل القمح والشعير والخضروات. كما اضطر المزارعون إلى تحمّل تكاليف إضافية لإزالته، في ظل صعوبة مكافحته نتيجة كثافته وطبيعته الشوكية، الأمر الذي زاد من الأعباء المالية على المزارعين.
تهديد مباشر للأمن الغذائي
لا يقتصر تأثير هذه الآفة على تراجع الإنتاج، بل يشمل أيضًا تدهور التربة بشكل كبير نتيجة استنزاف مواردها، ما يشكّل خطرًا حقيقيًا على الأمن الغذائي في المنطقة. كما تسبب ذلك في خسائر اقتصادية فادحة للمزارعين الذين يعانون من انخفاض في العوائد الزراعية وارتفاع في التكاليف التشغيلية.
شهادات من الميدان
يقول المزارع أحمد العلي (45 عامًا) من قرية صفيان في تصريح لـ”سوريا 24″: “لقد فقدت ما لا يقل عن 30% من أرضي هذا الموسم بسبب الباذنجان البري. حاولت مكافحته بنفسي، لكنها عملية مرهقة ومكلفة للغاية.”
أما عواد محمد (38 عامًا) من قرية الجلاء فيروي: “انتشار هذه الآفة دفع كثيرًا من المزارعين لبيع أراضيهم أو التخلي عن الزراعة نهائيًا. نناشد الجهات المختصة دعمنا في مواجهة هذه الكارثة.”
ويضيف عمر حسن (52 عامًا) من قرية الرشيد: “الأرض التي كنت أزرعها لسنوات أصبحت خارج الخدمة تمامًا. لم نحصل على أي دعم من الجهات الرسمية، وأوضاعنا الاقتصادية في تدهور مستمر.”
تحرك رسمي محدود
في تصريح خاص لـ”سوريا 24″، أشار مصدر مسؤول في لجنة الزراعة التابعة لمجلس الرقة المدني إلى أن الباذنجان البري يمثل “تحديًا كبيرًا” للقطاع الزراعي المحلي. ولفت إلى أن اللجنة تعمل حاليًا على إعداد خطط عاجلة لمكافحة هذه الآفة بالتنسيق مع الجهات المختصة، إلى جانب تقديم الإرشادات الفنية للمزارعين. وأكد المصدر على ضرورة تعزيز التعاون بين المزارعين واللجان الزراعية، داعيًا إلى الالتزام بتوجيهات مكتب الإرشاد الزراعي في التصدي لهذه الآفة.
مطالبات بتدخل عاجل
يطالب المزارعون الجهات الرسمية بالتدخل السريع لمواجهة هذه الكارثة الزراعية، من خلال توفير الدعم التقني والمالي اللازم لإزالة الباذنجان البري، وتعزيز برامج التوعية والإرشاد حول أساليب الوقاية والمكافحة، واعتماد أنماط زراعية مقاومة، بالإضافة إلى دعم مشاريع استصلاح الأراضي المتضررة باستخدام تقنيات حديثة وفعّالة تساهم في استعادة الإنتاج الزراعي وتحسين التربة.
مع تفاقم الأزمة، يبقى مستقبل الزراعة في ريف الرقة معلقًا على سرعة التحرك وفعالية الاستجابة، في وقت تشتد فيه الحاجة لضمان الأمن الغذائي وتعزيز الاستقرار الاقتصادي للمزارعين.