ريف حماة: واقع مائي صعب وحلول مؤقتة لمواجهة الأزمة

Facebook
WhatsApp
Telegram

يواجه سكان ريف محافظة حماة الغربي أزمة حقيقية في تأمين مياه الشرب، نتيجة انخفاض معدلات هطول الأمطار لسنوات متتالية، ما أدى إلى تراجع غزارة الينابيع التي تعتمد عليها هذه المناطق بشكل شبه كامل، فضلاً عن اعتماد مؤسسة المياه على سياسة التقنين لتوزيع الكميات المحدودة من المياه بين التجمعات السكانية.

وتُشكل ينابيع “أبو قبيس” و”نهر البارد” المصدر الأساسي لمياه الشرب للعديد من القرى والتجمعات في ريف حماة الغربي، لكن انخفاض منسوب المياه فيها دفع المؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في حماة إلى اتخاذ إجراءات طارئة، في ظل استمرار تفاقم الوضع البيئي والمناخي.

انخفاض حاد في منسوب المياه

أكد المهندس عبدالستار العلي، المدير العام للمؤسسة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي في حماة، أن “تأثير الجفاف على واقع مياه الشرب في ريف حماة الغربي كان واضحاً ومؤثراً، خاصة في منطقتي أبو قبيس ونهر البارد، حيث تعتمد هذه المناطق على الينابيع الطبيعية كمصدر رئيس للمياه”.

وقال العلي في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “انخفاض معدل هطول الأمطار بشكل حاد خلال السنة الماضية، بالإضافة إلى تعاقب سنوات الجفاف، أدى إلى تراجع كبير في غزارة نبعي أبو قبيس ونهر البارد، وهما مصدران أساسيان لتغذية عدد كبير من التجمعات السكانية في ريف حماة الغربي”.

وأشار إلى أن هذا الواقع يدفع المؤسسة إلى اعتماد برنامج تقنين لتوزيع المياه على تلك التجمعات، بهدف تحقيق العدالة في التوزيع وتأمين الحد الأدنى المطلوب من مياه الشرب.

التجمعات السكانية المتضررة

وأوضح العلي أن نبع “أبو قبيس” يغذي عدة تجمعات سكانية هي: أبو قبيس، الكنائس، الخرائب، حير المسيل، عين الجرن، الصقلية. أما نبع “نهر البارد”، فهو المصدر الرئيس لتغذية 35 تجمعاً سكانياً في منطقة سهل الغاب، من ضمنها: نهر البارد، السقيلبية، الخندق، الحرة، الشجر، العبر، حوارات عمورين وغيرها.

الحلول المؤقتة لمواجهة الأزمة

وفي محاولة للتعامل مع الانخفاض الكبير في نسبة تدفق المياه في الينابيع، قال العلي إن المؤسسة تعمل على تنفيذ مجموعة من الحلول المؤقتة تتضمن:

* اعتماد تخزين المياه في الخزانات التجميعية، ثم توزيعها على التجمعات السكانية وفق برنامج معتمد يحقق العدالة في التوزيع.

* تفعيل عمل الضابطة المائية لإزالة التعديات على شبكات وخطوط مياه الشرب، ومنع استخدام المياه لغير أغراض الشرب.

* استثمار كافة المصادر المائية المتاحة، وتعويض انخفاض غزارة الينابيع من خلال ضخ مياه الآبار الجوفية العاملة على الكهرباء والديزل والطاقة الشمسية، لزيادة حصة الفرد من مياه الشرب.

التقنين وارتفاع تكاليف الشراء

بدوره، قال علي العيسى، وهو أحد سكان منطقة سهل الغاب، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إن “مؤسسة المياه اضطرت لاعتماد سياسة التقنين بسبب تراجع منسوب المياه في نبع نهر البارد، الذي يغذي نحو 34 قرية وبلدة في المنطقة”. وأضاف: “نحصل على المياه مرة أو مرتين أسبوعياً فقط، وفي بعض الأحيان لا تصلنا إطلاقاً، مما يضطرنا لشرائها بمبالغ مرتفعة”.

أما عيسى فرحة، فقال في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إن “المياه تأتينا مرة أو مرتين في الأسبوع، وأحياناً نضطر لشرائها، والسبب هو موجة الجفاف التي أثرت على الحياة بشكل عام، ليس فقط على مستوى المياه بل أيضاً على الزراعة والثروة الحيوانية”.

من جانبه، أشار بلال فاتي، أحد المدنيين في المنطقة، في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إلى أن “الحلول الحالية التي تم اتخاذها من قبل الجهات المعنية لا تفي بالغرض”، مشدداً على أن “الجفاف مشكلة عامة تستلزم وقفة شاملة من جميع الجهات، ودور المجتمع المحلي مهم جداً في الحفاظ على كل قطرة ماء متوفرة”.

تحديات مستقبلية وضرورة التخطيط الاستراتيجي

مع استمرار تفاقم أزمة الجفاف وغياب حلول جذرية، تبقى قرى ريف حماة الغربي رهينة لواقع مائي صعب، يتطلب تدخلات سريعة ومشاريع استراتيجية طويلة الأمد، مثل إعادة تأهيل الشبكات القديمة، وحفر آبار جديدة، واستخدام تقنيات حديثة في ترشيد استهلاك المياه، وتوعية المواطنين بأهمية الحفاظ على الموارد المائية المتبقية.

ومع عدم وجود مؤشرات على تحسن الوضع المناخي في المستقبل القريب، فإن ضمان حق السكان في مياه الشرب يتطلب من المؤسسة العامة للمياه والجهات المعنية اتخاذ خطوات أكثر جرأة وشمولية، تتناسب مع حجم التحدي الذي تواجهه المنطقة.

مقالات ذات صلة