سيّرت الضابطة المركزية في مدينة طرطوس، دوريات مكثفة خلال الأيام الماضية استهدفت إزالة الإشغالات العشوائية في عدد من المناطق الحيوية، أبرزها الكراج القديم ومنطقة الفقاسة والرابية، حيث تم فتح الممرات على الأرصفة وإعادة تنظيم المقاطع بين الطرقات.
وفي منطقة الرابية، ضبطت الجهات المعنية كشكاً مخالفاً ضمن موقع غير مرخص، وقامت بتشميعه أصولاً، وتوجيه إنذار لإزالته خلال مهلة 48 ساعة.
تساؤلات وسط غياب الحلول البديلة
وتأتي هذه الحملات في ظل تصاعد التساؤلات حول تأثيرها على أصحاب المحلات الصغيرة وأصحاب الأكشاك الذين يعتمدون على تلك الإشغالات مصدراً وحيداً للرزق، خاصة في حال غياب حلول بديلة لهم.
كما يُطرح سؤال جوهري حول مدى التزام الجهات المعنية بعد تنفيذ الحملات بتنظيم الممرات بما يسهل التنقل للمواطنين، خصوصاً ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى عدم توفير أماكن بديلة للأكشاك المُزالة، ما قد يؤدي إلى تكرار نفس المخالفات مستقبلاً.
رد الضابطة العامة
وردًا على هذه التساؤلات، أكد “خالد جراد”، مسؤول الضابطة العامة، أن حملات إزالة الإشغالات العشوائية تستهدف فقط “الإشغالات المخالفة الواقعة خارج حدود المحل دون ترخيص صادر عن البلدية، والتي غالباً ما تشغل كامل مساحة الرصيف وتؤدي إلى إغلاق الممرات، أو تمتد إلى الشارع أمام المحل مما يمنع وقوف السيارات إلى جانب الرصيف”.
إجراء له انعكاسات إيجابية
وقال جراد في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “إن إزالة هذه الإشغالات وتنظيمها سينعكس إيجاباً على الإخوة المواطنين من خلال تسهيل حركة المرور والمشاة، مع التأكيد على إلزام الشاغل بالتقيد بمساحة الترخيص وشروطه، بما في ذلك ترك نصف عرض الرصيف كممر للمشاة، وعدم التسبب بأي إعاقة مرورية أو تشويه بصري، وذلك في حال حيازته لرخصة إشغال قانونية”.
وأضاف أن “دوريات شعبة الإشغالات تتابع يومياً معظم المواقع ذات الكثافة الحركية مثل الأسواق، والكراجات، والحدائق العامة، والكورنيش البحري، والتي تُعد من أهم مناطق الإشغال في المدينة”.
مراعاة للحالات الإنسانية
وعن البديل المتاح لأصحاب الحالات الإنسانية، قال جراد: “عملت الشعبة في وقت سابق على توجيه معظم أصحاب الإشغالات العشوائية من ذوي الحالات الإنسانية (كالفقراء، والأرامل، وذوي الاحتياجات الخاصة، والمصابين بأمراض مزمنة) إلى منطقة الفقاسة – الرابية، حيث تتوفر الأكشاك المسبقة الصنع والمعتمدة كأسواق شعبية، وتم منحهم تراخيص بأسعار رمزية تتناسب مع مستوى دخلهم، واعتماد هذا الموقع كمكان بديل لممارسة نشاطهم، بما يوفر لهم مصدر رزق كريم”.
وأشار إلى أنه “في الآونة الأخيرة، تم إزالة الإشغالات المخالفة من بعض الحدائق، ومن ثم تنظيم عدد من مواقع الإشغال الصغيرة ضمن هذه الحدائق بما يضمن عدم إعاقة حركة الزوار أو تشويه المنظر العام، وتم الترخيص لها بأسعار رمزية أيضاً تراعي الأوضاع المعيشية لأصحابها، بحيث تعود بالنفع عليهم وعلى المصلحة العامة في آنٍ واحد”.
وتبقى التحديات قائمة أمام الجهات المعنية في موازنة دقيقة بين تطبيق القانون وضبط الشكل الحضري للمدينة، وبين توفير فرص حقيقية للصمود المعيشي للفئات الأكثر هشاشة.
التحديات قائمة والمطلوب خطوات جريئة
ورغم هذه الجهود، يبقى السكان يطالبون بخطوات أكثر جرأة ورؤية استراتيجية شاملة، تعيد تصنيف الحولة كمدينة مركزية، وتوفر لها إدارة محلية مستقرة، وتكثف الدعم الحكومي، لكي تتمكن من تجاوز مرحلة الإهمال الذي دخل عامه الثامن على التوالي.
وتظل الحولة، بحسب قول أهلها، نموذجاً حياً لمناطق سورية كثيرة تحتاج إلى إعادة النظر في طريقة إدارتها، وتحديد أولوياتها الخدمية، ليس فقط لتحسين مستوى المعيشة، بل لاستعادة الهوية الحضرية التي فقدتها بفعل الإهمال والتهميش.