أطلقت مجموعة من الشباب المغتربين من أهالي حي باب تدمر في حمص القديمة، حملة تطوعية لتنظيف الحي وتحسين مظهره العام، بعد سنوات طويلة من الإهمال وتدهور الواقع الخدمي والمعيشي.
وتأتي الحملة تحت عنوان: “نداء للتطوع: لنبني حمص القديمة معًا” ، وهي مبادرة مستقلة تمامًا لا تتلقى دعمًا من أي جهة رسمية أو منظمة دولية أو محلية، وتتمحور حول مبدأ التكافل المجتمعي وإعادة زرع ثقافة العمل التطوعي بين الشباب.
نفض الغبار عن الأحياء المهملة
وقال ضياء عرنوس، أحد القائمين على الحملة في حديث لمنصة سوريا ٢٤، إن الهدف الأساسي هو “بدء نفض الغبار عن حي باب تدمر، الذي يعاني من إهمال شديد منذ سنين”.
وأشار إلى أن “المبادرة انطلقت من قِبل شباب الحي الذين يعيشون خارج سوريا، بهدف تحفيز من تبقى في الداخل على المشاركة في تحسين ظروف معيشتهم بأنفسهم”.
وأضاف عرنوس: “قمنا بتوفير أدوات التنظيف من كيسات نايلون وكفوف وأدوات تنظيف أخرى، كما خصصنا مبلغ 10 آلاف ليرة سورية لكل كيس قمامة يتم جمعه، ليس بهدف المقابل المادي فحسب، بل لنزرع فكرة أن العمل الجماعي يمكن أن يكون بداية التغيير”.
وتابع: “الحملة تضم متطوعين وأيضًا من يعمل بأجر رمزياً، وكل النفقات تأتي من تبرعات بعض المغتربين من أهل الحي فقط، وليس لدينا أي دعم حكومي أو منظمات. نحن نستلهم قول سيدنا عمر بن الخطاب: اذهب فاحتطب، أي اعمل واكسب ولا تنتظر”.
واقع خدمي كارثي
ويصف القائمون على الحملة الواقع الخدمي في أحياء حمص القديمة بأنه “كارثي ومهول”، حيث أكد ربيع النجار، المسؤول في الحملة والتبرع لها في حديث لمنصة سوريا ٢٤، أن هذه الأحياء تعاني من نقص حاد في الخدمات الأساسية، منها:
– نقص الإنارة العامة في الشوارع.
– غياب سلال المهملات ، ما دفعهم إلى طرح فكرة تركيب سلال صغيرة على الأعمدة.
– أزمة المياه التي تطال جميع المنازل تقريبًا.
– تراكم الأنقاض في الزوايا والأزقة.
– غياب التزفيت في معظم الطرق الضيقة.
كما لفت إلى أن أحياء مثل باب تدمر وباب الدريب وباب هود وباب التركمان تحت المآذنة، كلها تعاني من الإهمال الرسمي، مضيفًا: “للأسف يبدو أن السيد المحافظ يعتقد أن مدينة حمص تبدأ من حي الحمراء وتنتهي عند طريق الشام والغوطة، بينما حمص القديمة مهمشة تمامًا”.
حملة شعبية بحتة
ويؤكد القائمون على الحملة أن هذه ليست مجرد مبادرة إعلامية أو محاولة لخلق “ترند”، بل هي خطوة عملية لاستنهاض المجتمع المحلي، وإظهار أنه قادر على إعادة الحياة إلى أحيائه بنفسه، حتى في غياب الدولة.
وقال النجار: “لا يوجد أي دور لأي جهة خدمية، ولا للمحافظة، ولا لأي منظمة في هذه الأحياء، وهذا ما دفعنا لأن نتحرك بأنفسنا”.
وتهدف الحملة أيضًا إلى تشجيع ثقافة العمل التطوعي واعتماد الذات، عبر تحويل الفكرة من عمل فردي إلى مشروع مجتمعي، يمكن أن يستمر ويتوسع ليشمل أحياء أخرى في حمص القديمة، إذا توفر الدعم البسيط وازداد عدد المشاركين.
دعوة للانضمام
وجدد المنظمون دعوتهم لجميع الراغبين بالمشاركة في الحملة التطوعية، للانضمام إليهم في تنظيف وتحسين مظهر حي باب تدمر، موضحين أن مكان التجمع سيكون في قلب الحي، وأن كل من يساهم سيجد مقابلًا رمزياً لكل كيس قمامة، إلى جانب فرصة لإحداث تغيير حقيقي.
وفي ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي يمر بها السوريون، تبدو هذه الحملة بمثابة بصيص أمل صغير، يُشعه شباب مغتربون من داخل وخارج البلاد، ليذكروا الجميع بأن التغيير قد يبدأ من أصغر الأمور، وحتى من كيس قمامة واحد.