تواصلت نيران الحرائق في التهام المزيد من المساحات الخضراء في ريف اللاذقية، حيث أعلن الدفاع المدني السوري، مساء اليوم الاثنين 7 تموز، تجدد الحرائق في منطقتي كارن كول والبركة بناحية قسطل معاف في ريف اللاذقية الشمالي، بفعل اشتداد سرعة الرياح، مما زاد من صعوبة جهود فرق الإطفاء في احتواء النيران ومنع توسعها نحو مناطق جديدة. وتواجه الفرق تحديات كبيرة بسبب غياب خطوط النار والطرقات التي تمكّن من الوصول إلى بؤر النيران.
تواصل فرق الدفاع المدني السوري جهودها للسيطرة على البؤر النارية في منطقة قسطل معاف وغابات الفرلّق، حيث تتم السيطرة على بعض البؤر، لكن النيران تتوسع في بؤر جديدة، وفق تصريحات الدفاع المدني، الذي أكد أنه يواصل جهوده مدعومًا بوحدات من وزارتي الدفاع والداخلية، وفرق تدخل تركية وأردنية، وعشرات الفرق التطوعية من منظمات المجتمع المدني السورية، إضافة إلى طائرات الإطفاء السورية والتركية والأردنية واللبنانية.
السيطرة على حريق فورو… والبدء بمرحلة التبريد
في سهل الغاب، قال مراسل “سوريا 24” إن الدفاع المدني تمكن بعد ظهر اليوم من السيطرة الكاملة على الحريق الكبير الذي اندلع قرب منطقة فورو، وانتقل إلى مرحلة التبريد. ولم يكن وصول الآليات إلى بؤر الحريق سهلاً، إذ قامت فرق الهندسة في وزارة الدفاع السورية بإزالة الألغام وفتح الطرقات في منطقة كانت سابقًا خط تماس عسكري.
اللاذقية تحترق… 100 كم² رماد وقرى منكوبة
وفي ريف اللاذقية، لم تسعف الجهود الميدانية الكبيرة المناطق الحراجية من الدمار، حيث التهمت النيران نحو 100 كيلومتر مربع من الغابات، أي ما يعادل أكثر من 3% من إجمالي الغابات في سوريا، بحسب تقارير الأمم المتحدة.
ووفقًا للتقرير، لم تكن الخسائر بيئية فقط؛ إذ تضرر ما يقارب 5000 شخص، واضطر أكثر من 1120 مدنيًا للنزوح من قراهم، منها بيت عيوش، والمزرعة، والصبورة، والبسيط، التي شهدت انقطاعًا تامًا للكهرباء والمياه بعد خروج محطة التوليد عن الخدمة.
ألغام وذخائر تزيد المأساة
اندلعت الحرائق في مناطق مليئة بالذخائر غير المنفجرة، ما جعل مهمة رجال الإطفاء محفوفة بالخطر، مع تسجيل عدة إصابات بينهم. وأعاقت الانفجارات المتكررة في محيط النيران التقدم، وأدت إلى توسع رقعة الحريق بشكل سريع.
دعم لبناني وتدخل جوي إقليمي
في بادرة تضامن لافتة، أعلن وزير الطوارئ رائد الصالح تخصيص لبنان طائرتي إطفاء مروحيتين للمساهمة في إخماد النيران، وذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية السورية. كما شاركت طائرات من سوريا، والأردن، وتركيا في طلعات جوية كثيفة لإخماد النيران في المناطق الوعرة التي يتعذر الوصول إليها برًا.
الهلال الأحمر السوري: تحذير من كارثة وشيكة
في بيان، دعا الهلال الأحمر السوري إلى دعم استجابته الإنسانية الطارئة، محذرًا من كارثة إنسانية وبيئية قد يصعب احتواؤها. وأكدت المنظمة التزامها بالتنسيق مع وزارات الدفاع والطوارئ، مع استمرارها في تقديم خدمات الإسعاف، والإجلاء، وتوزيع المساعدات، رغم صعوبات ميدانية أبرزها التضاريس، والرياح، ومخلفات الحرب.
مبادرات أهلية تسند ظهر المتضررين
رغم الظروف القاسية، لم تغب المبادرات المدنية عن المشهد، حيث أكدت مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في اللاذقية أن الجمعيات المحلية والفرق التطوعية قامت بتوزيع 1000 وجبة غذائية، وأكثر من 1000 سلة غذائية، و5000 لتر من المازوت لتسهيل عمليات الإخلاء والإطفاء.
المحافظ: لا خسائر بشرية كبيرة… لكن الخطر مستمر
في تصريح خاص لمراسل “سوريا 24″، يوم أمس، أوضح محافظ اللاذقية أن معظم القرى المتضررة كانت خالية من السكان بسبب التهجير السابق، ما حدّ من الخسائر البشرية، التي اقتصرت على حالتين خفيفتين فقط. لكنه حذر من استمرار الخطر على عناصر الدفاع المدني، خاصة في ظل التضاريس الصعبة والألغام.
وأكد المحافظ أن الحرائق التهمت خلال الأيام الأربعة الماضية نحو 10,000 دونم، وأن فرق الطوارئ تواصل جهودها للسيطرة على بؤر الاشتعال المتبقية.
وفي مشهدٍ يلخّص المأساة، تواجه سوريا اليوم كارثة معقّدة الأبعاد، حيث تمتزج آثار التغير المناخي، ومخلفات الحرب، وضعف الإمكانيات، في مشهد مأساوي يهدد البشر والشجر والحجر. وبينما تكافح الجهات الرسمية والمنظمات الإغاثية لاحتواء الحريق، يبقى التضامن المحلي والدولي ضرورة عاجلة لإنقاذ ما تبقى.