تفاقمت أزمة المياه في مدينة القامشلي، وسط انقطاع شبه تام للمياه عن عدد كبير من الأحياء منذ أكثر من شهر، في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة، ما فاقم معاناة الأهالي وجعل الوصول إلى المياه النظيفة رفاهية لا يملكها الجميع.
شكاوى من أحياء متعددة بسبب الانقطاع الكامل للمياه
في تصريحات خاصة لـ”سوريا 24″، قال المواطن محمد البحري من سكان الحي الغربي إن المياه لم تصل إلى الحي منذ أكثر من ثلاثين يومًا، باستثناء خمس دقائق فقط قبل عشرين يومًا. وأضاف: “نشتري المياه من الصهاريج بأسعار مرتفعة جدًا، وصل سعر تعبئة الخزان إلى 50 ألف ليرة، وأحيانًا ندفع 10 آلاف ليرة إضافية كي يأتينا الصهريج في وقت أبكر. ومع هذا، لا تكفي الكمية لأكثر من يومين، خصوصًا في هذا الطقس الحار الذي يضاعف الحاجة إلى الماء للشرب والاستحمام والتنظيف.”
أما أحمد خليل من سكان حي الهلالية، فقال لـ”سوريا 24″: “المياه مقطوعة عن الحي منذ أكثر من شهر، والحياة باتت لا تطاق، لا مياه للشرب ولا للاستحمام. اضطررت للذهاب إلى قريتنا على طريق عامودا حيث توجد بئر ارتوازية تعمل على الطاقة الشمسية، والمياه متوفرة هناك بشكل أفضل بكثير مما هو عليه الحال في المدينة.”
سكان المصارف: شراء مياه غير مضمونة الجودة بات خيارًا وحيدًا
من جانبه، أشار المواطن خالد العلي من حي المصارف إلى أن انقطاع المياه ليس جديدًا، لكنه ازداد سوءًا هذا الصيف. وأوضح لـ”سوريا 24″: “نشتري مياهًا غير مضمونة المصدر أو النظافة، ونستخدمها مضطرين للشرب والغسيل. تقدمنا بشكاوى عديدة لدائرة المياه، لكنهم أخبرونا أن السبب هو انقطاع الكهرباء وتوقف عدد من الآبار عن الضخ. نحتاج إلى حلول فعلية وسريعة، فهذه المبررات لم تعد تكفي.”
بلدية الشعب تصدر تسعيرة رسمية… ولا أحد يلتزم
رغم أن بلدية الشعب في القامشلي التابعة للإدارة الذاتية كانت قد أصدرت تسعيرة رسمية لتعبئة خزانات المياه عبر الصهاريج، حددت خلالها تكلفة تعبئة الخزان سعة 5 براميل بـ30 ألف ليرة للطوابق الأرضية وحتى الثاني، و37 ألف ليرة للطوابق العليا، إلا أن “أصحاب الصهاريج لا يلتزمون بالتعليمات، ويقومون بتحديد الأسعار بأنفسهم دون رقيب”.
مشروع لحفر 20 بئراً ارتوازية في الهلالية
وفي محاولة لتخفيف الأزمة، أعلنت بلدية القامشلي بتاريخ 29 حزيران الماضي عن مشروع لحفر 20 بئراً ارتوازية في محطة الهلالية، على أن يتم إنجازه خلال 270 يومًا. المشروع يأتي في إطار خطة لتأمين احتياجات السكان من المياه، لكنّ الأهالي عبّروا عن قلقهم من بطء التنفيذ، مؤكدين أن الحاجة إلى المياه عاجلة ولا تحتمل التأجيل.
الوضع مختلف في الحسكة: مصدر المياه خارج سيطرة “قسد”
وعلى الرغم من التشابه في نتائج الأزمة، إلا أن مصادر “سوريا 24” تؤكد أن مشكلة المياه في مدينة الحسكة تختلف عن القامشلي. فبينما تعاني القامشلي من أزمة ناجمة عن توقف الآبار المحلية وانقطاع الكهرباء، فإن مدينة الحسكة تعتمد بشكل رئيسي على محطة مياه علوك الواقعة قرب رأس العين، وهي خارج نطاق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
محطة علوك تتعرض لتوقفات متكررة، لأسباب متعلقة بالخلافات بين القوى المسيطرة على المنطقة، ما يؤدي إلى انقطاع المياه بشكل كامل عن الحسكة وريفها الشرقي في فترات كثيرة.
دعوات لتحرك عاجل
في ظل الأوضاع الحالية، يناشد سكان القامشلي عبر منصة “سوريا 24” جميع الجهات المعنية، محلية ودولية، للبحث عن حلول فورية ومستدامة لأزمة المياه المتفاقمة، وتوفير خطة طارئة تضمن استمرار التزود بمياه الشرب، خاصة مع استمرار درجات الحرارة المرتفعة التي تزيد من حجم المعاناة.