قال أحد ضباط فرع الأمن الجنائي في دمشق في تصريح خاص لـ “سوريا 24“: إنه “لا توجد أي آلية رسمية أو غير رسمية لاستخراج الوثائق مقابل المال، جميع المعاملات تُنجز ضمن مسار إداري واضح يُعامل فيه الجميع على قدم المساواة، وأي محاولة للاستغلال مرفوضة وستُقابل بإجراءات صارمة”.
وأكد الضابط أن “من يحاولون استغلال المواطنين هم أشخاص ينتشرون خارج مبنى الفرع، ولا علاقة لهم بكادره الوظيفي أو الإداري، مستغلين حالة الازدحام والحاجة الملحّة لإنهاء المعاملات الرسمية”.
شهد محيط فرع الأمن الجنائي في العاصمة دمشق ازدحامًا غير مسبوق خلال الأيام الماضية، بالتزامن مع عودة الفرع إلى العمل بعد توقف دام عدة أشهر، نتيجة الأضرار التي لحقت به خلال سقوط النظام السوري في المدينة أواخر عام 2024.
ووفق ما أفاد به شهود عيان لـ سوريا 24، فقد تجمّعت طوابير طويلة من المراجعين أمام مبنى الفرع الواقع في حي الخطيب، في محاولة لاستخراج وثائق “غير محكوم”، والتي تُعد من الأوراق الأساسية المطلوبة في الوظائف والمعاملات الرسمية.
وكان الفرع قد تعرّض للحرق في الأيام الأخيرة التي سبقت مغادرة عناصر النظام السوري للعاصمة، حيث أقدم عدد من الضباط على إحراق ملفات ووثائق رسمية، من بينها أرشيف الوسائط القضائية، في محاولة لطمس الأدلة وتعطيل سير العمل.
ومع استئناف العمل مؤخرًا، اضطر الفرع إلى إعادة تنظيم الوثائق من الصفر، ما تسبب في ضغط كبير على الموظفين وتأخير واضح في إنجاز المعاملات.
في هذا السياق، تصاعدت شكاوى المواطنين من تعرضهم لمحاولات استغلال من قبل سماسرة ينتشرون قرب مبنى الفرع، ويعرضون تسريع إجراءات استخراج الوثائق مقابل مبالغ مالية تصل أحيانًا إلى مليون أو مليوني ليرة سورية، رغم أن التكلفة الرسمية لا تتجاوز 20 ألف ليرة فقط.
ورصدت سوريا 24 شهادات متقاطعة من مراجعين قالوا إنهم تعرضوا لمحاولات ابتزاز من قبل أشخاص يزعمون امتلاكهم علاقات داخل الفرع، ما يضع المواطنين أمام خيارين: إما القبول بالابتزاز أو البقاء في طوابير الانتظار.
وأفاد شهود بأن عددًا من هؤلاء الأشخاص تم توقيفهم خلال الأيام الماضية بعد ضبطهم يتقاضون مبالغ مالية مقابل خدمات غير قانونية. ووصف أحد ضباط الفرع ذلك بأنه “استغلال مرفوض من ضعاف النفوس”.
وأكد المصدر الأمني أن الجهات المعنية تعمل على اتخاذ إجراءات صارمة بحق كل من يثبت تورطه، داعيًا الأهالي إلى تقديم شكاوى رسمية ضد أي شخص يطلب منهم المال مقابل تسهيل معاملاتهم.
وأضاف أن “مكافحة الفساد تبدأ من المواطن، ونحن بحاجة إلى وعي مجتمعي يرفض الرشوة والابتزاز، ويصر على اتباع الطرق القانونية فقط”.
ومع تفاقم الازدحام اليومي، طالب عدد من المواطنين عبر “سوريا 24” بضرورة تنظيم عملية الاستقبال، من خلال تمديد ساعات العمل أو تقسيم المراجعين حسب الفئات، لتخفيف الضغط وتقصير فترات الانتظار الطويلة.
كما دعا البعض إلى إطلاق منصة إلكترونية تتيح تعبئة طلبات “غير محكوم” مسبقًا عبر الإنترنت، وتحديد مواعيد مراجعة دقيقة لتقليل الازدحام، خصوصًا أن مئات المواطنين يضطرون للانتظار لساعات طويلة في الشارع.