ريف حلب : سكان تل الضمان يطالبون بحل عاجل لأزمة المياه كي يعودوا

Facebook
WhatsApp
Telegram

يُعدّ نقص مياه الشرب والري في ريف حلب الجنوبي، ولا سيما في منطقة تل الضمان، من أبرز التحديات التي تعيق عودة الأهالي إلى قراهم، وتثقل كاهل السكان المقيمين في ظل بنية خدمية متدهورة وغياب واضح للحلول المستدامة.

يقول محمد العبد الله، أحد سكان قرية أبو رويل، في حديثه لـ”سوريا 24“:  “المياه هي المشكلة الأكبر التي نواجهها اليوم، سواء مياه الشرب أو الري، الوضع متردٍّ للغاية”، موضحاً أن “انعدام مياه الري انعكس سلبًا على الزراعة، التي تُعتبر العمود الفقري للاقتصاد في المنطقة، وهذا ما حمّل الأهالي أعباء معيشية إضافية، وجعل كثيرًا منهم يتردد في العودة رغم تحسن الأوضاع الأمنية”.

شهادة العبد الله تفتح الباب أمام سؤال أعمق يتعلق بجذور أزمة المياه في تل الضمان، وهي ليست وليدة السنوات الأخيرة، بل تعود إلى ما قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011.

فقد أنجزت المؤسسة العامة لاستصلاح الأراضي في الثمانينات دراسة متكاملة لمشروع ري استراتيجي يهدف إلى جر قناة مياه من تركان إلى تل عابور ثم عسان وصولًا إلى تل الضمان.

ورغم أهمية المشروع، ظل حبيس الأدراج بسبب التباطؤ الإداري وغياب الإرادة التنفيذية، وتم لاحقًا توجيه الدراسة نحو منطقة أخرى.

وفي السنوات التي سبقت الثورة السورية، جدّد أهالي المنطقة مطالبهم بتحريك المشروع، إلا أن مدير فرع حلب لاستصلاح الأراضي زمن النظام البائد،  أكد حينها أن الدراسة جاهزة، لكن التمويل الحكومي لتنفيذها غير متوفّر.

اليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود على تعطيل المشروع، لا تزال 44 قرية في مجلس بلدية تل الضمان تعاني من غياب شبكات مياه الشرب، كما يوضح رئيس المجلس المحلي برجس الحسين. وأضاف أن الأهالي يعتمدون على الخزانات المتنقلة لتأمين المياه، بتكلفة تصل إلى 4 دولارات للمتر المكعب الواحد، وهي تكلفة باهظة قياسًا بدخل السكان، وتزيد من معاناتهم اليومية.

وأشار الحسين إلى أن بعض القرى مثل الحص، مقتل الزيدي، الباقات، جب الخفجي، والمدائن، تمتلك شبكات مياه غير مفعّلة بسبب أعطال فنية وعدم الصيانة، مما يمنع ربطها بمحطة بنان الحص.

وأضاف أن المجلس رفع مؤخرًا طلبات لمديرية المياه لربط تل الضمان بمشروع أبو صفيطة المار عبر قرية النزيهة، لكن الردود لا تزال غير حاسمة.

ويؤكد الحسين أن الكهرباء أيضًا لا تتوفر سوى في 10 قرى فقط من أصل 44، ما يزيد من تعقيد الواقع الخدمي ويحدّ من قدرة السكان على الاستقرار والعودة إلى حياتهم الطبيعية.

في ظل هذه المعطيات، يرى الأهالي أن معالجة أزمة المياه لم تعد خيارًا تنمويًا، بل ضرورة إنسانية واقتصادية عاجلة. كما يدعون إلى تفعيل المشاريع القديمة المؤجلة، وعلى رأسها مشروع قناة ري تركان – تل الضمان، الذي كان من الممكن أن يشكل تحولًا نوعيًا في مستقبل المنطقة، عبر خلق فرص عمل، وتثبيت السكان، واستثمار الأراضي الزراعية الخصبة على نحو مستدام.

منذ انطلاق الثورة السورية في آذار/مارس 2011، عاشت منطقة تل الضمان في ريف حلب الجنوبي سلسلة من التحولات الميدانية والسياسية الحادة، بدأت بمشاركة فاعلة في الحراك السلمي خلال العامين الأولين، ثم سرعان ما تحوّلت إلى ساحة نزاع عسكري مفتوح بين قوات النظام وفصائل المعارضة، ما أدى إلى تهجير واسع وتوقف الخدمات الأساسية.

بين عامي 2012 و2016، شهدت تل الضمان اشتباكات عنيفة وقصفًا جويًا متكرّرًا من قبل النظام السوري وحلفائه، أعقبها في 2016 هجوم بري موسّع استعاد من خلاله النظام السيطرة على المنطقة بدعم روسي، وسط موجات نزوح جديدة.

ورغم توقيع اتفاقيات “خفض التصعيد” عام 2017، ظل الواقع الخدمي والأمني هشًا، وعانت تل الضمان من غياب الاستقرار وتهميش البنى التحتية، بما فيها مشاريع الري الحيوية مثل قناة تركان – تل الضمان، التي بقيت مجمدة رغم أهميتها الاستراتيجية.

ومع سقوط النظام السوري في ديسمبر/كانون الأول 2024، تعوّل المجتمعات المحلية في تل الضمان اليوم على فتح صفحة جديدة من الإعمار، تبدأ بإعادة إحياء المشاريع التنموية المعطّلة، وعلى رأسها شبكات المياه والري، باعتبارها حجر الأساس في استقرار الأهالي وعودتهم.

مقالات ذات صلة