دير الزور: “يزن” واحد من مئات الأطفال لم ترحمهم الألغام

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

لا تزال مخلفات الحرب تشكّل خطراً يومياً على حياة المدنيين في مدينة دير الزور، وعلى وجه الخصوص الأطفال الذين غالباً ما يدفعون الثمن الأغلى.

عزلة صحية ونفسية

بين أزقة حي العمال، يعيش الطفل يزن، أحد ضحايا الألغام، في عزلة صحية ونفسية خانقة منذ أربع سنوات، بعد أن أفقده انفجار لغم قدمه وبصره وهو لم يتجاوز السابعة من عمره.

الحادثة وقعت في عام 2019، حين خرج يزن برفقة عمه الشاب أسامة إلى ملعب المدينة البلدي للعب كرة القدم، لكن طريقهما نحو اللعب تحول إلى مأساة.

تقول الجدة أم محمود، التي تتولى رعاية الطفل في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “بينما كانا في طريقهما للملعب، انفجر بهما لغم أرضي، ففقد يزن قدمه اليمنى وبصره، وأصيب أسامة بإصابات خطيرة أُزيل على إثرها نصف كبده بسبب الشظايا”.

لا قدرة على تحمل تكاليف العلاج

نُقل يزن إلى العاصمة دمشق لتلقي العلاج، حيث خضع لعدة عمليات بتر وتصحيح للقدم، إضافة إلى تدخلات جراحية لمحاولة إنقاذ بصره.

وتوضح جدته: “عينه اليمنى فقدها تماماً، أما اليسرى فالأطباء قالوا إن هناك أملاً ضئيلاً بإعادتها، لكن العمليات مكلفة جداً، وليس لدينا أي قدرة على تحمل تكاليفها”.

إلى جانب مشكلاته البصرية، يعاني يزن من ضعف حاد في المناعة، ما يجعله عرضة للإصابة بالأمراض باستمرار.

وتتابع الجدة قائلة: “كل يوم نخاف عليه من أبسط نزلة برد او ارتفاع درجات الحرارة. وضعه الصحي متدهور، وهو بحاجة لرعاية طبية مستمرة، لكنه لا يتلقى أي نوع من الدعم، لا من منظمات ولا من جهات حكومية”.

مناشدة المنظمات الإنسانية والطبية

وسط الإهمال المستمر، تناشد أم محمود المنظمات الإنسانية والطبية التدخل العاجل لتقديم المساعدة ليزن، من خلال تركيب طرف صناعي بديل، وتأمين علاج للعين التي ما زالت تحمل بصيص أمل.

“يزن لا يطلب المستحيل، فقط يريد أن يشعر أنه طفل طبيعي، أن يمشي ويلعب مثل غيره، وأن يرى الحياة مرة أخرى”، تقول الجدة في سياق حديثها.

وفي مدينة لا تزال تنزف من جراح حربها الطويلة، تبقى قصة يزن واحدة من مئات القصص المؤلمة التي تختصر وجع الأطفال الذين حصدت الحرب طفولتهم وأحلامهم، دون أن تمد إليهم يد العون.

الألغام تنتشر بشكل واسع في دير الزور

في المقابل، وتعليقاً على الجهود المبذولة من فريق الدفاع المدني السوري لتنظيف المنطقة من مخلفات الحرب، أوضح رائد الحسون، مسؤول عمليات مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري قائلاً: “بالنسبة لموضوع التلوث في محافظة دير الزور، فإنها تُعد من أكثر المحافظات تعقيدًا من حيث تلوث مخلفات الحرب، وذلك نتيجة انتشار الألغام بشكل واسع بسبب تعدد الفصائل والجيوش التي توالت على المدينة، مما أدى إلى تنوع كبير في أنواع الذخائر المستخدمة فيها. هذا التنوع جعل من التعامل مع هذه المخلفات أمرًا شديد الصعوبة”.

قريباً: مركز مخصص لإزالة مخلفات الحرب

وتابع في حديث لمنصة سوريا ٢٤: “للأسف الشديد، لا تزال الاستجابة في هذا المجال محدودة وخجولة من جميع الجهات العاملة في مجال معالجة مخلفات الحرب، وقد قام الدفاع المدني مؤخرًا بتشكيل فريق مسح غير تقني للبحث عن المناطق الملوثة ضمن الأحياء والمجتمعات المدنية، كما قمنا بتشكيل فريق مختص بالتوعية من مخاطر الذخائر غير المنفجرة”.

وختم بالقول: “في المرحلة القادمة، سنقوم بإنشاء مركز متخصص بإزالة مخلفات الحرب داخل مدينة دير الزور، ليكون نقطة انطلاق لجهود أكثر فاعلية واستدامة في هذا المجال”.

ومطلع حزيران/يونيو الماضي، أعلنت سوريا عن إطلاق خطة وطنية شاملة تهدف إلى مواجهة “الموت الصامت” الذي لا يزال يهدد حياة المدنيين بسبب الألغام ومخلفات الحرب، وذلك في خطوة تُعد من أبرز التحديات الإنسانية التي تواجه إعادة الإعمار واستقرار المناطق المتضررة.

وقال وزير الطوارئ والكوارث في سوريا، رائد الصالح، في حوار خاص مع “الجزيرة نت”، إن هذه الخطوة تأتي في ظل استمرار تهديدات الألغام التي زُرعت في مختلف أنحاء البلاد من قبل أطراف متعددة، بما في ذلك القوات الإيرانية ومسلحو تنظيم داعش والنظام السابق والقوات الروسية.

مقالات ذات صلة