في مدينة الرقة، لا تُعد تربية الخيول العربية الأصيلة مجرد هواية، بل هي إرث ثقافي وشغف عميق متجذّر في نفوس أبنائها. هذه المهنة العريقة تُعبّر عن ارتباط وثيق بالهوية والتقاليد العربية، حيث يحتل الخيل مكانة خاصة في وجدان المجتمع المحلي، ويعكس اهتمام الناس بها عمق الروابط مع الماضي.
خمسة أنواع أصيلة.. أبرزها “الشويمة سباح”
وفي تصريح خاص لمنصة “سوريا 24″، أوضح منهل الظاهر، أحد أبرز مربي الخيول العربية الأصيلة في الرقة، أن المدينة تحتضن خمسة أنواع رئيسية من الخيول الأصيلة: المعلقية، الصقلاوية، الكحيلة، العبية، والشويمة سباح. وبيّن أن هذه الأنواع منتشرة في معظم أنحاء سوريا، إلا أن “الشويمة سباح” يُعد من أندرها، مما يمنح تربيته في الرقة بُعدًا ثقافيًا وأهمية خاصة.
علاقة إنسانية قبل أن تكون مهنة
يؤكد الظاهر أن الخيول ليست وسيلة للكسب أو المظاهر الاجتماعية، بل تُعامل كأفراد من العائلة. المربون يهتمون بتغذيتها، تدريبها، ورعايتها الصحية بشكل يومي، مدفوعين بحب حقيقي لهذه الكائنات النبيلة. وهو ما يجعل من تربية الخيول رمزًا للعطاء والانتماء، وشاهدًا حيًا على العلاقة الفريدة بين الإنسان والخيل.
دور فعّال في سباقات محلية وعربية
تلعب الخيول العربية الأصيلة دورًا بارزًا في السباقات المحلية، كما تُشارك في منافسات على المستوى العربي، ما يسهم في رفع مكانة الرقة كمركز مهم في هذا المجال. السباقات تشكّل منصة للاحتفاء بالجمال والقوة، وتعمّق الروابط الاجتماعية بين محبي الخيل، وتُعزز الفخر الجمعي بالتراث العربي.
أبعاد اقتصادية واجتماعية واسعة
لا تقتصر أهمية تربية الخيول على الجوانب التراثية، بل تشمل فرص عمل متنوعة مثل الرعاية البيطرية، تنظيم الفعاليات، التدريب، وتوفير اللوازم الخاصة بالخيول. كما تُسهم في تعزيز البيئة الصحية والنفسية للمربين، وتشجّع فئة الشباب على الانخراط في هذه المهنة النبيلة والمستقرة.
مقومات النجاح في تربية الخيول
بحسب الظاهر، يكمن النجاح في العناية اليومية الدقيقة، التغذية المتوازنة، والالتزام بالمعايير الأصيلة لكل سلالة. هذه العناصر تضمن بقاء الخيول في أبهى حالاتها، وتُحافظ على قيمتها في الأسواق المحلية والعربية، وتعكس مدى التزام المربين بجودة السلالة والمحافظة على إرثها النقي.
رسالة إلى الأجيال
تربية الخيول العربية الأصيلة في الرقة ليست مجرد نشاط تقليدي، بل هي رسالة حيّة تُعبّر عن الاعتزاز بالهوية والارتباط العميق بالطبيعة والتاريخ. إنها دعوة مفتوحة للأجيال القادمة كي تحفظ هذا الإرث وتستمر في حمل رايته بكل فخر، وتمنح هذه المهنة المستمرة في الزمن روحًا جديدة ونفسًا متجددًا.