من يضبط ميزان السوق في الرقة؟.. تقلبات الأسعار ترهق الأهالي وغياب الرقابة يُعمّق الفوضى

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص – سوريا 24

في أسواق الرقة، لم تعد حركة البيع والشراء كما كانت، فالمشهد اليوم تحكمه التقلبات، والأسعار تتأرجح، الناس يلاحقون الأرقام المتبدلة بأعين مرهقة وقلوب مثقلة بالهموم اليومية، وسط تساؤلات تتكرر بلا إجابة: من يضبط السوق؟ وأين جهة الرقابة؟

تشهد أسعار المواد الأساسية، من الخبز والمحروقات إلى الخضار واللحوم، تغيرات حادة ومتسارعة، تُثقل كاهل الأهالي وتربكهم في تدبير شؤونهم المعيشية. وتعود هذه الاضطرابات إلى جملة من العوامل، أبرزها تقلب سعر صرف الليرة السورية، وصعوبة تأمين البضائع من خارج المحافظة، فضلًا عن غياب آليات رقابة فعلية تضبط السوق.

يقول خضر المحمد، وهو بائع خضار في سوق الهال منذ أكثر من عشرين عاماً:”لا أستطيع أن أشرح للزبون لماذا ارتفع سعر البندورة اليوم أو انخفض بالأمس. السوق لا يرحم، ونحن في المنتصف. بالأمس كانت البندورة الشامية بـ2500 ليرة، واليوم صارت بـ5000. الخيار البلدي بـ7000!”.

هذا التذبذب يدفع الأهالي إلى ترشيد مشترياتهم. سعاد الحسين، مدرسة في إحدى مدارس حي الدرعية، تقول إنها لم تعد تشتري من دكان الحي إلا ما تحتاجه ليومها فقط. “كل يوم هناك مفاجأة، إما في ارتفاع السعر أو ندرة المادة. تكلفة وجبة غداء لعائلة من 6 أشخاص وصلت إلى 73 ألف ليرة!”.

ورغم محاولات بعض الباعة الحفاظ على هامش ربح بسيط خشية خسارة زبائنهم أو التسبب باحتقان اجتماعي، يبقى السؤال معلقًا: هل يمكن تثبيت هذا الميزان المرتجف، أم أن المواطن سيبقى حبيس دوامة القلق في الشراء والحذر في البيع؟

غياب الرقابة وسيطرة المضاربة

يرى الخبير الاقتصادي عدنان عبد الرزاق أن ما تشهده الرقة، وسوريا عمومًا، من تقلب في الأسعار، يعود إلى غياب الرقابة التموينية، واحتكار بعض التجار للسلع، إضافة إلى ارتفاع الرسوم الجمركية المفروضة على المواد المستوردة، مما يرفع كلفتها على السوق المحلي.

ويضيف: “حتى مع انخفاض سعر الدولار، لا ينعكس ذلك بشكل مباشر على الأسعار، بسبب عدم وجود آلية ملزمة للتسعير، وغياب الجهات التي تراقب تطبيق التسعيرة الرسمية”.

ويشير الخلف إلى أن الانخفاض الحقيقي للأسعار لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال تقليص تكاليف الإنتاج وزيادة التنافس في السوق، معتبرًا ما يجري حاليًا نوعًا من “الانخفاض الوهمي الناتج عن مضاربات سعر الصرف، وليس عن تغيّرات في البنية الاقتصادية الحقيقية”.

بين صناديق الخضار والارتباك اليومي

في قلب سوق الهال، يقف التاجر رضوان الأحمد أمام صناديقه المكدسة يتابع حركة الزبائن المترددة.

“لسنا من يرفع الأسعار، بل نحن أول المتضررين. الدولار يصعد وينخفض فجأة، ونحن نحاول النجاة لا الربح”، يقول رضوان الذي يعمل في تجارة الجملة منذ أكثر من 15 عاماً.

يوضح أن التقلبات المفاجئة في سعر الصرف تضع التجار في موقف صعب:”نشتري البضاعة بسعر مرتفع، ولا يمكننا بيعها في اليوم التالي بسعر منخفض لمجرد أن الدولار هبط. هناك خسائر حقيقية، وأحياناً نضطر لوضع هامش ربح بسيط فقط لتفادي الخسارة الكاملة”.

ويختم بالقول: “الناس يظنون أننا نتحكم بالسوق، لكن الحقيقة أن السوق هو من يتحكم بنا. لا توجد جهة تحدد الأسعار أو تراقب تنفيذها، وكل تاجر يسعّر حسب ما يراه مناسباً، والنتيجة فوضى مستمرة”.

مقالات ذات صلة