وصلت نحو 500 عائلة نازحة من محافظة السويداء إلى منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، يوم الأحد 20 من الشهر الجاري، هربًا من تصاعد الأوضاع الأمنية والاشتباكات في مناطقهم. ورغم الاستجابة الأولية السريعة من المجتمع المحلي والمكاتب السياسية، لا تزال العائلات تواجه تحديات إنسانية كبيرة، وسط نقص حاد في الخدمات الأساسية، لاسيما في مجالي الغذاء والرعاية الصحية.
وبحسب ما أفاد به أحمد منصور الطحان، مدير فريق أبناء الجولان التطوعي، فإن عدد العائلات يتزايد يوميًا، وقد تم فتح بعض الفنادق في المنطقة لإيواء الوافدين، إلا أن هذه المرافق غير مجهزة بشكل كامل ولا توفر الحد الأدنى من الخدمات الضرورية. وأضاف الطحان أن القدرة الاستيعابية المتاحة في السيدة زينب قد تصل إلى نحو 5,000 شخص، لكن التحدي الأكبر حاليًا هو تأمين الطعام والماء، مشيرًا إلى أن “المهجرين بحاجة ماسة للغذاء والماء، وهذا أولوية لا يمكن تأجيلها”.
الاحتياجات الطبية والنفسية: ثغرة إنسانية تتطلب تدخلاً عاجلاً
وفيما تُبذل جهود لتأمين الإيواء والمساعدات الغذائية، تبرز الحاجة الملحة إلى توفير رعاية صحية ونفسية متكاملة للنازحين، وخصوصًا النساء والأطفال. وأكد الطحان في حديثه لـ”سوريا 24” أن “هناك نساء على وشك الولادة، وأخرى مصابات، إلى جانب أطفال وجرحى من الرجال يحتاجون لرعاية طبية عاجلة”، موجّهًا نداءً إلى الأطباء والمنظمات الإنسانية لتشكيل نقطة طبية أو مركز طوارئ في المنطقة.
كما شدّد على أهمية توفير الدعم النفسي للأطفال، قائلاً: “الأطفال في حالة خوف واضطراب، وهم في حاجة ماسّة إلى تدخل نفسي متخصص، سواء من خلال أنشطة ترفيهية، أو دعم تعليمي، أو جلسات تفريغ نفسي تساعدهم على تجاوز الصدمة”. وأشار إلى أنه تم افتتاح إحدى المدارس في السيدة زينب، معربًا عن أمله في أن تتوجه فرق متخصصة بالدعم النفسي والتعليمي للأطفال إلى المنطقة بشكل عاجل.
وأوضح الطحان أن غياب الدراسة والروتين اليومي يجعل الأطفال أكثر عرضة للقلق والتوتر، مضيفًا: “نحتاج إلى أنشطة بسيطة كالرسم، الألعاب، أو الورش الترفيهية لإخراج الأطفال من حالة الخوف، ومنحهم شعورًا بالأمان”.
تنسيق محلي واستجابة مجتمعية محدودة
تنوّعت خلفيات العائلات الوافدة، فغالبيتهم من أبناء البدو في السويداء، إضافة إلى نازحين من دير الزور وعائلة من مدينة أريحا بريف إدلب، كانوا يعملون سابقًا في الأراضي الزراعية بريف السويداء.
وقد أثنى الطحان على دور المكتب السياسي في جنوب دمشق، وبشكل خاص على الاستجابة السريعة من إيهاب أبو آدم، الذي قدّم تسهيلات واسعة لاستقبال العائلات وتخفيف معاناتها. وقال: “أبو آدم كان له دور كبير في دعم أهلنا الوافدين، وقد استجاب معنا بسرعة ومسؤولية”.
دعوة مفتوحة إلى المنظمات والأطباء: “أنقذوا ما يمكن إنقاذه”
تختتم المناشدات الميدانية برسالة واضحة موجّهة إلى المنظمات المحلية والدولية، تدعو فيها إلى تحمل المسؤولية تجاه مئات العائلات النازحة في السيدة زينب. الحاجة تتجاوز الطعام والمأوى، لتصل إلى إنقاذ الأرواح، والحفاظ على الصحة النفسية لأطفال يعيشون تحت ضغط الخوف والانقطاع عن الحياة الطبيعية.
وفي ظل ضعف الإمكانيات المحلية، فإن التدخل المنظم والعاجل من قبل الكوادر الطبية، والأخصائيين النفسيين، ومقدّمي الدعم المجتمعي بات ضرورة ملحّة، وليس مجرد خيار.