رتيان بريف حلب.. دمرها الأسد وعفشها رجاله

Facebook
WhatsApp
Telegram

خاص - سوريا 24

بعد تسع سنوات من الغياب القسري، عاد إسماعيل ضبعان إلى قريته رتيان في ريف حلب الشمالي، ولم يكن يدرك أن الشوق الذي ظل يتغذى عليه طوال سنوات النزوح سيتحول إلى صدمة موجعة.

“في اليوم الذي أعلنوا فيه تحرير البلدة، لم أتردد، عدت فورًا. كنت أتصور أنني سأبكي من الفرح، لكن دموعي اختلطت بدهشة قاسية، فلا أثر للحياة.. حتى الأشجار اختفت، البيوت منهارة، الطرقات مغلقة، وكأن الزمن توقف منذ أن غادرنا”.

رتيان، التي يقدر عدد سكانها قبل الحرب بين 7000 و8000 نسمة، باتت اليوم شبه مدمرة بنسبة تفوق 98%، وفق ما يؤكده رئيس المجلس المحلي، أحمد طحان. يصف المشهد قائلًا: “البلدة تعرضت لقصف يومي عنيف بسبب موقعها الاستراتيجي بين نبل والزهراء، ومعارك عنيفة خاضها الثوار ضد تنظيم داعش والميليشيات الطائفية”، وأن ما زاد الحال سوءًا، بحسب وصف طحان، هو “جشع الشبيحة الذين قاموا بتفكيك أسقف البيوت وسرقة الممتلكات، ليكتمل مشهد الخراب”.

اليوم، لا يزال نحو 70% من الأهالي في مخيمات النزوح. فقط 30% عادوا، ومعظمهم من أصحاب المنازل التي قامت منظمة إنسانية بترميمها – وعددها 110 منازل. أما الباقي، فحالهم كحال إسماعيل، يقيمون في خيم أو يبحثون عن كرفانات رخيصة تقيهم برد الشتاء.

يضيف إسماعيل: “لم أبدأ بإعادة بناء المنزل بعد، لعدم توفر المال، نصبت خيمة داخل سور البيت المدمر، واليوم أبحث عن كرفانة أعيش فيها مع عائلتي حتى يقضي الله أمرًا”.

المجلس المحلي، رغم جهوده، يجد نفسه في مواجهة تحديات تفوق طاقته. يقول طحان: “حتى المجلس تعرض للنهب، تمت سرقة أثاثه وآلياته، واليوم نعمل بإمكانيات معدومة، ونحاول التنسيق مع منظمات المجتمع المدني والجهات الحكومية لتوفير الخدمات الأساسية كالماء والصرف الصحي والطرقات، لكن دون جدوى حتى الآن”.

من بين المدرستين في القرية، تم تأهيل واحدة بالتعاون مع مديرية التربية، بينما لا تزال الأخرى قيد البناء. أما المركز الصحي، فهو موجود لكنه خارج الخدمة وبحاجة ماسة إلى إعادة تأهيل. لا فرن، لا وسيلة نقل، ولا مصدر مستقر للمياه.

وعن الواقع الزراعي، يشير رئيس المجلس إلى أن الميليشيات كانت قد قطعت الأشجار المثمرة، كالزيتون والفستق، وأقامت سواتر ترابية في الأراضي الزراعية. ومع قلة الأمطار هذا العام، عجز كثير من الأهالي عن زراعة أراضيهم، فالفقر والدمار استنزفا قدرتهم على العمل والإنتاج.

يختم الأستاذ أحمد طحان رسالته بالقول: “نوجه نداءً لكل الجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني للعمل على ترميم المنازل وتأهيل شبكة المياه والصرف الصحي والطرقات والمرافق الأساسية. رتيان اليوم شبه مدمرة بالكامل، وهي بحاجة إلى خطة طارئة لإعادتها للحياة”.

ورغم هذا المشهد الثقيل، لا يزال الأمل حاضرًا في صوت إسماعيل ضبعان، الذي يصر على أن الحياة ستعود، ولو ببطء: “رتيان ليست مجرد قرية… إنها شاهد على صمود طويل ووجع أطول. نحتاج أن نعيد بناء المجتمع، لا فقط الجدران. بالأمل، وبالتكافل، يمكن أن ننهض”.

مقالات ذات صلة