يشكو أهالي مدينة القامشلي من فوضى تسعيرية تعم صيدليات المدينة، حيث تختلف أسعار الأدوية من صيدلية إلى أخرى دون مبررات واضحة، وسط غياب الرقابة الصحية. ويعتبر الأهالي أن الدواء لم يعد وسيلة علاج، بل سلعة تجارية تخضع لأهواء الربح، فيما تتحول رحلة البحث عن العلاج إلى عبء اقتصادي إضافي على كاهل المرضى.
فروقات في الأسعار دون مبررات
يقول عبد العزيز الحسن، في تصريح لمنصة سوريا 24، إن أسعار الأدوية في صيدليات القامشلي غير ثابتة، وتختلف من مكان إلى آخر بشكل كبير. وذكر مثالًا على ذلك تجربته الشخصية عند شراء دواء “أزيترومايسين”، حيث اشتراه قبل 20 يومًا بسعر 15 ألف ليرة سورية، ثم عاد مؤخرًا ليجده بسعر 18 ألف ليرة، رغم أنه المنتج نفسه.
وأشار الحسن إلى أن هذا الفرق، وإن بدا بسيطًا، إلا أنه يثقل كاهل المرضى، خاصة عندما يتعلق الأمر بأدوية مزمنة أو وصفات تحتوي على أكثر من نوع.
أرباح متفاوتة ومسوغات غير منطقية
يؤكد الحسن أن بعض الصيدليات تعتمد نسب ربح خاصة بها دون الالتزام بأي تسعيرة رسمية، مشيرًا إلى أن مبررات أصحاب الصيدليات تختلف بحسب الموقف. فالبعض يُرجع السبب إلى ارتفاع الأسعار من المصدر، وآخرون يعزون ذلك إلى ارتفاع تكاليف الشحن أو نقص التوريد.
ويضيف أن هذه الذرائع لا تبرر وجود فارق كبير في السعر بين صيدليتين تبيعان الدواء نفسه من الشركة ذاتها، مشددًا على أن هذه الفوضى لا يمكن أن تستمر دون غياب واضح للرقابة.
الدواء يتحول إلى سلعة تجارية
من جهته، يقول المهندس المدني عيسى ملا حاجي من القامشلي، إن الدواء لم يعد يُعامل كحق صحي للمواطن، بل تحول إلى سلعة تجارية. وأوضح أنه يضطر إلى الذهاب إلى ثلاث أو أربع صيدليات للحصول على وصفة طبية بسبب تفاوت الأسعار، حيث قد يصل الفرق إلى 10 آلاف ليرة للعلبة الواحدة، رغم أنها من الشركة والمصدر نفسيهما.
ويرى ملا حاجي أن ما يحصل يمثل استغلالًا واضحًا لاحتياج المريض، وأن الجهات المعنية غائبة تمامًا عن ضبط هذا القطاع الحيوي.
استغلال داخل المنشآت الطبية الخاصة
أما “أبو ليلى”، وهو أحد سكان القامشلي، فتحدث عن تجربة مريرة عاشها خلال مرافقة أحد أقاربه المرضى في مستشفى خاص داخل المدينة. ويقول إن الطبيب أوصى بشراء الأدوية من صيدلية المستشفى نفسها، وبعد يومين من الإقامة، فوجئ عند تسديد الفاتورة أن قيمة الأدوية فقط بلغت مليونًا و200 ألف ليرة سورية.
وأوضح أن الأدوية التي تم صرفها عبارة عن علبة “أوغمنتين”، سيروم، وثلاث علب دوائية أخرى، جميعها تُباع بأسعار أقل بكثير في الصيدليات خارج المستشفى. واعتبر أن هذا الاستغلال يحدث بشكل علني، خصوصًا في ظل غياب وعي المواطن بالتفاصيل المالية أثناء اهتمامه بسلامة المريض.
تسعيرة رسمية غير مطبقة
يشير بعض الأهالي إلى أن لجنة الصحة حددت مسبقًا نسبة أرباح الصيدليات بـ28%، لكن هذه النسبة لا تُطبّق فعليًا. فغالبًا ما يتم تبرير أي زيادة في الأسعار بأنها ناتجة عن التعامل مع تجار يفرضون أسعارًا مرتفعة، وهو ما يزيد من تعقيد المشكلة.
فوضى تسعير وغياب رقابة
في ظل غياب الرقابة الصحية والاقتصادية، تبقى صيدليات القامشلي ساحة مفتوحة لتفاوت الأسعار والاستغلال. ويطالب الأهالي الجهات المعنية بالتدخل العاجل لوضع تسعيرة موحدة وإجراء جولات رقابية منتظمة، حرصًا على مصلحة المريض وكرامة المواطن.